75%

والده

عند التحدّث عن أي شخصيّة مهما كانت لا بدّ من الرجوع للحديث عن اُسرته، لا سيما والده ووالدته؛ فثمة صلة هامة ورابطة خطيرة بين الحديثين للوقوف على الحقائق، ولإماطة اللثام عن واقع الشخصيّة المعنية؛ نظراً للدور الأبوي الفعّال في الشخص، بدءاً من كونه نطفة، ومروراً بمراحل التكوين حتّى الولادة فالتربية والتهذيب.

مَن ذا الذي يجهل والد سيدنا علي الأكبر؟ كلنا يعرفه، وكلنا يجهله؛ نعرفه بالاسم وببعض الاُمور، ونجهل حقيقته الكاملة.

إنّ الإمام سبط الرسول الحسين بن علي (صلوات الله عليهم) ليس أباً فحسب، وليس بمستوى الاُبوة فقط، إنّه فوق ذلك المستوى بما يمثّله من إشراف على الأُمة بكلِّ أبنائها وبناتها، وبما يتبنّاه من قضايا أبناء الأُمة ودينهم الإسلامي الحنيف في بعده المستقبلي.

هذا الأب العظيم من شأنه - دونما جدال - أن ينجب ابناً بمثابة أُمة من الناس، أن ينجب من يكون نوراً ونبراساً، وقائداً وقدوة؛ وعليه فلا نستكثر على ذلك الإمام إنجاب القادة ورجال العقيدة وهو الإمام الذي تمكّن من أن يصون شعوب الإسلام، ويحفظ الأُمة العملاقة مع دينها ومبادئها الخلاّقة.

ولا نريد هنا أن نتكلم عن أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام)؛ فهذه الصفحات خاصة بولده ونجله فقط، كما أنّ الحديث عن الإمام (عليه السّلام) لا يُعدّ محاولة هيّنة ويسيرة بناءً على أنه ليس شخصاً عادياً يصح عنه الكلام كيفما اتفق الكلام، وإنما هو شخص امتزجت فيه المبادئ فجسّدها عملاً على أرض الواقع، إنّه صاحب رسالة وسيّد قضية، رسالة ممتدة من رسالة جدّه الرسول الأعظم، وقضية تبرعمت من شجرة قضية جده النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله).

وبعد، فإنما نتجنب الخوض في الحديث عن الإمام سيد الشهداء فلسعة مهمته الرساليّة التي يلزمنا التحدث فيها وعنها، ولبعد وظيفته الإلهية ورحابة طرحه لقضيته، وأخيراً فلأنه حقق عملياً - وعلى المدى البعيد - للأُمة ما لم تستطع كل الأًمة تحقيق بعضه.

***