المبحث الخامس
تفسير القضاء والقدر وفق نظام الأسباب
إنّ تحقّق كلّ شيء في هذا العالم بحاجة إلى وجود مجموعة أسباب وعلل تسبقه، ومن مجموع هذه "العلل الناقصة" تتكوّن "العلة التامة" التي تؤدّي إلى تحقّق ذلك الشيء(١) .
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):
"أبى اللّه أن يجري الأشياء إلاّ بأسبابها، فجعل لكلّ شيء سبباً..."(٢) .
معنى القضاء:
"القضاء" عبارة عن حتمية وقوع الشيء ووصوله إلى مرتبة ضرورة التحقّق عند اجتماع علله الناقصة وتكوين علّته التامة التي تؤدّي إلى تحقّقه.
مثال:
إنّ عملية احتراق الخشب بالنار لا تتحقّق إلاّ بعد:
١ - توفّر الشروط المطلوبة، من قبيل: تماس النار بالخشب ووجود الأوكسجين و..
٢ - ارتفاع الموانع من قبيل: وجود بلل أو رطوبة في الخشب و...
فإذا وجدت النار، وتوفّرت الشروط المطلوبة، وارتفعت الموانع، فحينئذ تتكوّن "العلّة التامة"، فيصل الأمر إلى مرتبة "القضاء"، فيتحقّق الاحراق.
____________________
١- انظر: الميزان، العلاّمة الطباطبائي: ج١٢، تفسير سورة الحجر، آية ١٦ - ٢٥، ص١٤٠، وج١٣، تفسير سورة الإسراء، آية ٩ - ٢٢، ص٧٢ - ٧٣.
٢- الكافي، الشيخ الكليني: ج١، كتاب الحجّة، باب معرفة الإمام والردّ عليه، ح٧، ص١٨٣.