المبحث الخامس
أدلة القول بالجبر والردّ عليها
الدليل الأوّل:
إنّ إرادة الإنسان لا تمتلك القوام الذاتي، ولا يمتلك الإنسان القدرة على إيجاد إرادته بنفسه، بل هو محتاج في إيجاد إرادته إلى إرادة اللّه تعالى، ولا تحدث ارادة الإنسان إلاّ بإرادة اللّه تعالى(١) .
يرد عليه:
١ - اختار اللّه تعالى أن يكون العباد أصحاب إرادة في أفعالهم، فأعطاهم الإرادة، ثمّ أعطاهم قدرة الاختيار لتوجيه إرادتهم كيفما يشاؤون.
بعبارة أُخرى:
إنّ اللّه تعالى هو الذي منح العباد هذه الميزة بأن تكون لهم الإرادة في أفعالهم، فالإرادة - في الواقع - آلة لصدور الفعل من العبد، وإذا كانت آلة الاختيار من اللّه تعالى، فإنّ ذلك لا يستلزم الجبر.
٢ - إنّ إرادة اللّه عزّ وجلّ لم تتعلّق بصدور أفعال العباد منه تعالى بصورة مباشرة ومن دون واسطة، بل تعلّقت إرادة اللّه تعالى في مجال أفعال الإنسان الاختيارية أن لا تصدر من الإنسان إلاّ بعد إرادة الإنسان واختياره لها(٢) .
الدليل الثاني:
إنّ اللّه تعالى يعلم بأفعال العباد التي ستقع في المستقبل.
وما علم اللّه تعالى وقوعه فهو واجب الوقوع.
____________________
١- انظر: المواقف، عضد الدين الإيجي: ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ١، ص٢٢٣ - ٢٢٤.
٢- انظر: الميزان، العلاّمة الطباطبائي: ج١، تفسير سورة البقرة، آية ٢٦ - ٢٧، ص٩٩ - ١٠٠.