9%

المبحث الثالث

مناقشة رأي الأشاعرة حول فعله تعالى للقبيح

ذهب الأشاعرة إلى أنّ اللّه تعالى يفعل ما يشاء، وكلّ ما يفعله اللّه تعالى فهو حسن، وإن حكم العقل بقبح هذا الفعل(١) .

أدلة الأشاعرة:

الدليل الأوّل:

إنّ الفعل لا يكون قبيحاً إلاّ بعد نهي الشارع عنه، وبما أنّ أفعال اللّه تعالى لا تقع في إطار أوامر ونواهي الشرع، فلهذا لا يمكن تصوّر فعل القبيح في أفعال اللّه تعالى.

قال أبو الحسن الأشعري:

"الدليل على أنّ كلّ ما فعله [تعالى] فله فعله أ نّه... لا فوقه مبيح، ولا آمر، ولا زاجر، ولا حاظر، ولا من رسم له الرسوم، وحدّ له الحدود، فإذا كان هذا هكذا لم يقبح منه شيء، إذ كان الشيء إنّما يقبح منّا لأ نّا تجاوزنا ما حدّ ورسم لنا، وأتينا ما لم نملك إتيانه، فلمّا لم يكن الباري... تحت أمر لم يقبح منه شيء"(٢) .

يرد عليه:

١ - إنَّ بعض الأفعال قبيحة بذاتها، ولا يعود منشأ قُبحها إلى حكم الشرع.

وسنبحث هذا الموضوع بصورة مفصّلة في الفصل القادم.

____________________

١- انظر: المواقف، عضد الدين الإيجي: ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ٦، ص ٢٨٣.

شرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني: ج٤، المقصد ٥، الفصل ٥، المبحث ٤، ص٢٩٤.

٢- اللمع، أبو الحسن الأشعري: الباب السابع، ص١١٦.