المبحث الثامن
مناقشة رأي الأشاعرة حول اللطف الإلهي
يعتقد الأشاعرة بأنّ اللّه تعالى هو الذي يخلق أفعال العباد سواء كانت هذه الأفعال طاعة أو معصية، ويذهب هؤلاء إلى "أنّ أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة اللّه تعالى وحده"(١) .
ومن هذا المنطلق عرّف الأشاعرة اللطف بأنّه عبارة عن عدم خلق اللّه قدرة فعل المعصية في العبد.
ومن هنا لا يعصي الشخص الذي يشمله اللطف الإلهي "إذ لا قدرة له على المعصية"(٢) .
وعرّف بعض الأشاعرة اللطف بأنّه يعني: أن لا يخلق اللّه تعالى الذنب في العبد(٣) .
يرد عليه:
يستلزم هذا الرأي القول بالجبر، لأنّ من لا يمتلك القدرة على فعل المعصية يكون مجبوراً على عدم فعلها.
ويترتّب عليه عدم استحقاق الإنسان الثواب بتركه للمعصية، لأنّه كيف يستحق الثواب على تركه للمعصية وهو لا يمتلك القدرة على فعلها. وإنّما يكون الثواب لمن يمتلك القدرة على فعل المعصية، ولكنّه يتركها باختياره، فيكون مستحقاً للثواب
____________________
١- المواقف، عضدالدين الايجي، ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ١، ص٢٠٨.
٢- شرح المقاصد، سعدالدين التفتازاني: ج٤، المقصد ٥، الفصل ٦، المبحث ٢، ص٣١٢ - ٣١٣.
٣- انظر: المصدر السابق.