المبحث الخامس
مناقشة رأي الأشاعرة حول غرض وغاية الفعل الإلهي
رأي الأشاعرة:
إنّ أفعال اللّه تعالى ليست معلّلة بالأغراض(١) .
أدلة الأشاعرة(٢) :
الدليل الأوّل للأشاعرة على إنكار وجود الغرض في أفعال الله تعالى:
لو كان لفعله تعالى غرض، لزم أن يكون الباري عزّوجلّ ناقصاً بذاته ومستكملا بتحصيل ذلك الغرض، ولكن اللّه تعالى غني بذاته، ولايجوز له الاستكمال.
يرد عليه:
١ - إنّ الاستكمال يكون فيما لو كانت أغراض وغايات الفعل الإلهي تعود على اللّه تعالى بالمنفعة، ولكن الأمر ليس كذلك، وإنّ منفعة هذه الأغراض والغايات تعود للمخلوقات.
فلهذا لا يلزم وجود الغرض والغاية في الفعل الإلهي الاستكمال له تعالى(٣) .
____________________
١- انظر: الأربعين في أصول الدين، فخر الدين الرازي: ج١، المسألة السادسة والعشرون، ص٣٥٠.
كتاب المواقف، عضد الدين الإيجي: ج٣، الموقف ٥، المرصد ٦، المقصد ٨، ص٢٩٤.
شرح المقاصد، سعد الدين التفتازاني: ج٤، المقصد ٥، الفصل ٥، المبحث ٥، ص٣٠١.
٢- انظر: المصادر المذكورة في الهامش السابق.
٣- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثالث، المسألة الرابعة، ص٤٢٢.
النافع يوم الحشر، مقداد السيوري، الفصل الرابع، ص٧١.
تنبيه:
قد لا يكون الغرض من الفعل الإلهي منفعة العبد، وإنّما يكون ذلك لاقتضاء نظام الوجود.
مثال ذلك:
إنّ من أمثلة "اقتضاء نظام الوجود": خلود أهل النار في النار، لأنّ خلودهم لا نفع فيه لهم، ولكنه من قبيل اقتضاء أعمالهم السيئة، لأنّ الإنسان يخلّد في الآخرة مع أعماله التي قام بها في الدنيا، والأعمال السيئة تتحوّل إلى نار، فيعيش معها.