الفصل الثالث: متطلّبات عصر الإمام الجوادعليهالسلام
بعد أن وقفنا في الفصلين السابقين على ملامح عصر الإمام الجوادعليهالسلام وطبيعة تعامل الحكّام مع الإمامعليهالسلام وخطّه الرسالي والجماعة الصالحة التي تقف إلى جانب الإمام الحق الذي تمثّل مسيرته خطّ الهداية الربّانية للبشرية.. لابدّ أن نقف في هذا الفصل على مجمل متطلّبات عصر الإمام الجوادعليهالسلام الخاص بظروفه ومستجداته الثقافية والسياسية والاجتماعية من خلال مجموعة المهام الرسالية التي جُعلت في الشريعة الإسلامية على عاتق أهل البيتعليهمالسلام بشكل عام وعلى عاتق (التاسع منهم) الإمام الجواد بشكل خاص.
وذلك لأن أهل البيتعليهمالسلام هم أهل بيت النبوّة والرسالة الذين ربّاهم الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم بيديه الكريمتين وجعلهم الدرع الحصينة التي تقي الرسالة من أن يتلاعب بها الحكّام ووعّاظ السلاطين بعد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أنها تقي الأمة الإسلامية من السقوط والتردّي إلى المهوى السحيق، بعد أن أصبحت الأمة الإسلامية هي الأمة الحية التي لابدّ لها أن تحمل مشعل الحضارة الإسلامية والربّانية إلى العالم أجمع، وقد مُنيت بصدمة كبيرة تمثّلت في الانحراف الذي طال القيادة السياسية والذي أخذ يستشري في سائر مجالات الحياة الإسلامية.
والإمام الجوادعليهالسلام في عصره الخاص أمام مجموعة من الإنجازات التي حققها آباؤه الطاهرون في هذين الحقلين المهمّين، كما أنّه أمام مستجدات ومتغيّرات في الوضع السياسي والاجتماعي والديني بعد أن سمحت الدولة الإسلامية للتيارات المنحرفة لتعمل بحرّية في الساحة الإسلامية وذلك لأن الحكام المنحرفين قد استهدفوا إضعاف جبهة أهل البيت الرسالية دون مواجهة علنية سافرة.
والإمام الجوادعليهالسلام لابدّ أن يوازن ويوائم بين المهامّ والمسؤوليات الرسالية من جهة، والإمكانات وما يمكن تحقيقه في هذا الظرف الخاص من جهة أخرى للاقتراب من الأهداف الكبرى والنهائية التي رسمتها له الشريعة وصاحبها وجعلت منه قيّماً رسالياً وقائداً ربّانياً قد نذر نفسه لله تعالى ولرسالته الخالدة.
من هنا يتّضح لنا ما يتطلبه العصر الخاص بالإمام الجوادعليهالسلام وما ينبغي أن يقوم به من دور فاعل في الساحة الإسلامية وما يحققه من انجازات خاصة بالجماعة الصالحة.