9%

الفصل الثالث: مدرسة الإمام الجوادعليه‌السلام وتراثه

البحث الأول: أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام

حفَّ جمهور كبير من العلماء والرواة بالإمام أبي جعفر الجوادعليه‌السلام وهم يقتبسون من نمير علومه التي ورثها عن جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانوا يدوّنون أحاديثه وكلماته وما كان يدلي به من روائع الحكم والآداب.

ولهؤلاء الأعلام يرجع الفضل في تدوين ذلك التراث القيم الذي يعد من ذخائر الثروات الفكرية في الإسلام.

لقد عمل أصحاب الائمةعليهم‌السلام بوحي من عقيدتهم الدينية التي ألزمتهم بالحفاظ على أحاديث الائمة الأطهار وتدوينها، والتي يرجع إليها فقهاء الإمامية في استنباطهم للأحكام الشرعية، ولولاها لما كان لأتباع مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام هذا الفقه المتطور والعظيم الذي اعترف بأصالته وعمقه جميع رجال الفكر والقانون في العالم الإسلامي بل الإنساني.

وما يدعو إلى الاعتزاز بأصحاب الائمةعليهم‌السلام هو أنهم جهدوا على ملازمة الائمةعليهم‌السلام وتدوين أحاديثهم في وقت كان من أعسر الأوقات وأشدها حراجة وأعظمها ضيقاً، فقد ضربت الحكومات الجائرة العباسية والأموية معاً الحصار الشديد على الأئمةعليهم‌السلام ومنعت من الاتصال بهم لئلا تتبعهم الجماهير.

وقد بلغ التضييق على العلماء والرواة من أصحاب الائمة حدّاً بحيث كانوا لا يستطيعون أن يجهروا باسم الإمام الذي أخذوا عنه، وإنّما كانوا يلمّحون إليه ببعض أوصافه وسماته من دون التصريح باسمه خشية القتل أو السجن.

ونظراً للحصار الأمني الذي كانت السلطة العباسية تفرضه على الإمام الجوادعليه‌السلام ، فقد أوعزعليه‌السلام لأصحابه بالتحرك في المجالات التي تتعسر عليه الحركة فيها.

ومن المجالات الأساسية التي تكتشف تحرّكات الإمام الجوادعليه‌السلام من خلالها هي تحرّكات أصحابه الذين ما كانوا يصدرون إلاّ عنه، وذلك بحكم طاعتهم له وقبولهم لإرشاداته.

والسبب في ذكرنا لأصحاب الإمام الجواد، هو أن نشاطاتهم العلمية والفكرية تعبّر عن توجهات الطليعة الواعية آنذاك تحت قيادة الإمامعليه‌السلام .