الفصل الثالث: مظاهر من شخصيّة الإمام الجوادعليهالسلام
لا ريب في أن فضائل الأئمة الإثني عشر المعصومينعليهمالسلام ـ والإمام الجواد منهم ـ كثيرة لا تحصى، كيف وقد اختارهم الله تعالى للإمامة على علم، وهذا الاختيار يكشف عن اختصاصهم بكمالات ومناقب تفرّدوا بها وامتازوا عن من سواهم وبذلك جعلهم حججه على خلقه وأمناء على وحيه.
ولكن لم يصل إلينا ـ للأسف الشديد ـ من تلك الفضائل والمآثر الخاصة بكل إمام إلاّ الشيء القليل والنزر اليسير، بسبب الظروف القاسية التي مرّ بها أهل البيتعليهمالسلام وأتباعهم المعنيّون بنقل تراثنا الإسلامي المجيد.
إنّ الإرهاب الفكري والتصفية الجسدية التي مارستها السلطات الجائرة ضد أئمة أهل البيتعليهمالسلام وضد أتباعهم وكل من كان يحاول أن يكشف عن شيء من سيرتهم العطرة، كان كافياً لضياع هذا التراث العظيم والعطاء الكبير.
وسنورد في هذا الفصل إشارات إلى بعض ما ورد في أحوال الإمام الجوادعليهالسلام ومناقبه ومكارم أخلاقه.
أ ـ تكلّمه في المهد:
ذكر المؤرخون أن الإمام الجوادعليهالسلام تشهّد الشهادتين لمّا وُلد، وأنه حمد الله تعالى وصلّى على الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الراشدين في يومه الثالث.
فعن حكيمة ابنة موسى بن جعفر الكاظمعليهماالسلام قالت: (لمّا حملت أم أبي جعفر الجوادعليهالسلام به كتبتُ إليه [يعني: إلى الإمام الرضاعليهالسلام ]: (جاريتك سبيكة قد علقت. فكتب إليَّ:(إنها علقت ساعة كذا، من يوم كذا، من شهر كذا، فإذا هي ولدت فألزميها سبعة أيام) . قالت: فلمّا ولدته،