الباب الثالث: وفيه فصول:
الفصل الأول: ملامح عصر الإمام الجوادعليهالسلام .
الفصل الثاني: الإمام الجوادعليهالسلام وحكّام عصره.
الفصل الثالث: متطلّبات عصر الإمام الجوادعليهالسلام .
الفصل الأول:ملامح عصر الإمام الجوادعليهالسلام
كان عصر الإمام أبي جعفر الجوادعليهالسلام من أزهى العصور الإسلامية وأروعها، من حيث تميّزه في نهضته العلمية وحضارته الفكرية، وقد ظل المسلمون وغيرهم أجيالاً وقروناً يقتاتون من موائد الثروات الفكرية والعلمية التي أسست في ذلك العصر.
ولا بدّ لنا من الحديث ـ بإيجاز ـ عن معالم عصر الإمامعليهالسلام فقد أصبحت دراسة العصر من المباحث المنهجية التي لا غنى للباحث عنها.
١ ـ الحياة الثقافية:
تعتبر الحياة الثقافية في ذلك العصر من أبرز معالم الحياة في العصور الإسلامية على الإطلاق، فقد ازدهرت الحركة الثقافية، وانتشر العلم انتشاراً واسعاً، وتأسّست المعاهد الدراسية، وشاعت الحلقات العلمية، وأقبل الناس بلهفة على طلب العلم، يقول نيكلسون: وكان لانبساط رقعة الدولة العباسية، ووفرة ثروتها، ورواج تجارتها أثر كبير في خلق نهضة ثقافية لم يشهدها الشرق من قبل، حتى لقد بدا أنّ الناس جميعاً من الخليفة إلى أقل أفراد العامة شأناً غدوا فجأة طلاّباً للعلم أو على الأقل أنصاراً للأدب، وفي عهد الدولة العباسية كان الناس يجوبون ثلاث قارّات سعياً إلى موارد العلم والعرفان ليعودوا إلى بلادهم كالنحل يحملون الشهد إلى جموع التلاميذ المتلهّفين، ثمّ يصنّفون بفضل ما بذلوه من جهد متصل هذه المصنّفات التي هي أشبه شيء بدوائر المعارف، والتي كان لها أكبر الفضل في إيصال هذه العلوم الحديثة إلينا بصورة لم تكن متوقعة من قبل(١) . ونُلمح إلى بعض المعالم الرئيسية من تلك الحياة الثقافية.
ـــــــــ
(١) تاريخ الإسلام: ٢ / ٣٢٢ للدكتور حسن إبراهيم حسن.