البحث الأول: الإمام الحسن العسكري والتمهيد لقضية الإمام المهديعليهماالسلام
إنّ أهم انجاز للإمام العسكريعليهالسلام هو التخطيط الحاذق لصيانة ولده المهديعليهالسلام من أيدي العتاة العابثين الذين كانوا يتربصون به الدوائر منذ عقود قبل ولادته، ومن هنا كانت التمهيدات التي اتّخذها الإمامعليهالسلام بفضل جهود آبائه السابقينعليهمالسلام وتحذيراتهم تنصب أوّلاً على إخفاء ولادته عن أعدائه وعملائهم من النساء والرجال الذين زرعتهم السلطة داخل بيت الإمامعليهالسلام ، إلى جانب إتمام الحجة به على شيعته ومحبّيه وأوليائه.
ففي مجال كتمان أمر الإمام المهديعليهالسلام عن عيون أعدائه فقد أشارت نصوص أهل البيتعليهمالسلام إلى أنه ابن سيدة الإماء(١) وأنه الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه. وفي هذه النصوص ثلاث إرشادات أساسية تحقق هذا الكتمان، أوّلها أنّ أمه أمة وهي سيدة الإماء وقد مهّد الإمام الهاديعليهالسلام لهذه المهمة باختيار زوجة من سبايا الروم للإمام الحسن العسكريعليهالسلام ولم تكن للزواج أية مراسم ولا أية علامة بل كل ما تحقق قد تحقق بعيداً عن أعين كثير من المقرّبين.
وقد خفيت الولادة حتى على أقرب القريبين من الإمام، فإنّ عمّة الإمامعليهالسلام لم تتعرّف على حمل اُم الإمام المهديعليهالسلام فضلاً عن غيرها، ومن هنا كانت الولادة في ظروف سرّية جداً وبعد منتصف الليل، وعند طلوع الفجر وهو وقت لا يستيقظ فيه إلاّ الخواص من المؤمنين فضلاً عن غيرهم.
وقد خطّط الإمام العسكريعليهالسلام ليبقى الإمام المهديعليهالسلام بعيداً عن الأنظار كما ولد خفية ولم يطلع عليه إلاّ الخواص أو أخصّ الخواص من شيعته.
ــــــــــــ
(١) راجع معجم أحاديث الإمام المهدي: ٤/١٩٦ ـ ٢٠٠.