9%

وكانت للإمام الهاديعليه‌السلام منزلة سامية ومكانة رفيعة القدر لدى أهل المدينة لإحسانه إليهم وعلاقته القوية معهم، فلمّا أشخصه المتوكل وأرسل يحيى ابن هرثمة لجلب الإمام من المدينة إلى سامراء عام(٢٣٤هـ) اضطرب الناس وضجّوا كما يروي يحيى بن هرثمة نفسه حيث قال: «فذهبت إلى المدينة فلمّا دخلتها ضجَّ أهلها ضجيجاً عظيماً، ما سمع الناس بمثله خوفاً على علي ـ أي الإمام الهاديعليه‌السلام ـ وقامت الدنيا على ساق، لأنه كان محسناً إليهم ملازماً للمسجد، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا، فجعلت أسكّنهم، وأحلف لهم أني لم أؤمر فيه بمكروه، وأنه لا بأس عليه، ثم فتّشتُ منزله فلم أجد إلاّ مصاحف وأدعية، وكتب علم، فعظم في عيني»(١) .

وتعكس هذه الرواية لنا حجم ما كان يؤديه الإمام الهاديعليه‌السلام من دور في المدينة والذي نتج عنه حصول روابط ووشائج قوية تصل الأمة به كما كانت توصله بالأمة، وربما كان المتوكل قد وقف على هذا التأثير البالغ للإمامعليه‌السلام فكان سبباً لإبعاده عن المدينة المنوّرة إلى سامراء التي أسسها العباسيون أنفسهم والتي عُرفت بميول أهلها والذين كان أغلبهم من الأتراك إلى العباسيين أوّلاً، بالإضافة إلى ما عرفوا به من تطرّف في التوجه إلى السيطرة والسلطة ثانياً.

٣ ـ مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام تجاه الأحداث

يتضح لنا من خلال الإجراءات التي قام بها المتوكل العباسي تجاه الإمام الهاديعليه‌السلام أنّ حركة الإمام وقيامه بمهامّه إزاء الأمة وخاصّته ـ وهي القواعد

ــــــــــــ

(١) تذكرة الخواص: ٣٦٠ عن علماء السير.