الإمام الهاديعليهالسلام مع أصحابه وشيعته
لقد حفلت حياة الإمامعليهالسلام بالأحداث المريرة إذ كان الصراع على السلطة على أشدّه بين أبناء الأسرة الحاكمة من جهة، وبين الأمراء والقوّاد الأتراك وغيرهم من الطامحين في السلطة من جهة ثانية. فكان نتيجة هذا الصراع أن ينال الإمام الهاديعليهالسلام وأبناء عمومته وشيعته في هذه الظروف الكثير من الأذى والاضطهاد باعتباره زعيم الجبهة المعارضة لكل هؤلاء المتصارعين على السلطة من حكّام وأمراء ووزراء. فبالرغم من وجود هذا الصراع الشديد فان الحكام العباسيين كانوا يخافون الإمامعليهالسلام ويرون أنّه سيد أهل البيت وإمام الأمة وصاحب الكلمة المسموعة بين الناس.
وكان الإمامعليهالسلام يمارس دور التربية والتوجيه وإعداد المؤمنين بمرجعيته الفكرية والروحية من أجل تحصينهم ضد الانحرافات العقائدية والفكرية ويمنعهم من الخوض في كثير من المسائل التي يكون الخوض فيها كاشفاً عن هويتهم وارتباطهم بالإمامعليهالسلام مما كان يؤدي إلى أن يكونوا تحت طائل عقوبات واضطهادات السلطة فيما إذا علموا موالاتهم للإمام وأهل البيتعليهمالسلام كما حصل ذلك لابن السكّيت وغيره، حيث كانت تقوم السلطة بقتلهم أو زجّهم في السجون.
إنّ دارسي هذه الفترة ـ وهي العصر العباسي الثاني ـ وإن وصفوها بالضعف السياسي والإداري للسلطة لكن حكّام الدولة لم يتهاونوا في تشديد الرقابة على الإمام وأصحابه; محاولين بذلك تحديد دائرة نشاط الإمامعليهالسلام وحدّها من التوسع في تأثيرها على قطاعات الأمة المختلفة. لذا نرى أن الإمامعليهالسلام كان يكرّس جلّ وقته وتعليماته بخصوص شيعته ومواليه مع تحيّن الفرصة في اتخاذ المواقف التي تعكس وجهة النظر الإسلامية في الوقائع والأحداث مع بيان ابتعاد الحكّام العباسيين عن تطبيق تعاليم الإسلام وهم في قمة انحرافهم وانغماسهم في اللهو والمجون.وكانت مواقف الإمام الهاديعليهالسلام تجاه الأحداث متناسبة مع تلك الظروف فكان يصدر توجيهاته وتعليماته بحذر ودقة وسرية تامة إلى شيعته وأصحابه.