الإمام الهاديعليهالسلام وأساليب مواجهة السلطة
إن إبعاد الإمام الهاديعليهالسلام عن المدينة وإقامته قريباً من مركز الخلافة في سامراء ما كان إلاّ لتحصى عليه حركاته وسكناته ومن ثم إبعاده عن شيعته وأهل بيته ومحبّيه كمحاولة من السلطة العباسية لإضعاف نشاط الإمام وتحجيم دوره وبالتالي إخضاعه لرقابة مشددة للتعرف على مدى تحرّكه أوّلاً ثم التعرف على شيعته وأصحابه ثانياً واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإفشال تحرّكهم ومنع تأثير الإمام ومنع انتشار فكر الإمامعليهالسلام بين أبناء الأمة الإسلامية التي عرفت الإمام الرضا ومدرسته وأبناءه الذين كانوا يشكّلون الجبهة الأساسية المعارضة للحكم القائم ثالثاً.
إذا ثبات الحكم العباسي كان يتوقّف على شل أيّ تحرّك ضده، من هنا نجد أنّ تعليمات الإمام وتوجيهاته لشيعته وأصحابه كانت تمتاز بالدقة والعمق لشدة وحراجة الظرف الذي كانوا يعيشونه.
وتبرز لنا صعوبة الظرف الذي كان يحيط بالإمامعليهالسلام وشيعته من قبل السلطة العباسية الغاشمة من خلال نوع التعليمات التي كان يراعيها الإمام وشيعته وهي:
١ ـ اتخاذ أماكن سريّة للقاءات، فعن إسحاق الجلاب قال: دعاني الإمامعليهالسلام فأدخلني من اصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه(١) .
٢ ـ الحذر من كتابة المعلومات وما يصدر عن الإمامعليهالسلام ، فعن داود الصرمي: أمرني سيدي ـ الإمام الهادي ـ بحوائج كثيرة فقالعليهالسلام «قل: كيف تقول ؟ فلم أحفظ ما قال لي، فمر الدواة وكتب:
ــــــــــــ
(١) أصول الكافي: ١ / ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ح ٣.