ويمكن الاستدلال من خلال النص على اتساع القاعدة الشعبية للإمامعليهالسلام وصلته بهم وعمق الأواصر التي كانت تصله بهم، فهو يتفقّد ما يحتاجونه، ويساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في قضاء حوائجهم، وإن لبعض أصحابه في الأمصار تأثيراً وعلائق بالولاة ومن يديرون الأمور في الولايات، فكانت أخبار شيعته تصله أوّلاً بأول، ويحاول إبعادهم عن الوقوع في حبائل السلطان وشركه كما في قصة سيف بن الليث المصري.
ج ـ سجن الإمام الحسن العسكريعليهالسلام :
ولما رأى المهتدي أنّ وسائل النفي والإبعاد والمصادرة، لم تكن لتحدّ من نشاط الإمامعليهالسلام وشيعته، واتّساع حركته، لما كان لتعليمات الإمامعليهالسلام ورقابته لشيعته من أثر في إفشال محاولات السلطة العباسيّة لم تجد السلطة بُدّاً من اعتقال الإمامعليهالسلام والتضييق عليه في السجن، وكان المتولي لِسجنه صالح بن وصيف الذي أمر المهتدي موسى بن بغا التركي بقتله، وقد جاءه العباسيّون إبان اعتقال الإمامعليهالسلام فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع، فقال صالح: «ما أصنع به قد وكّلت به رجلين، شرّ من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم»، ثمّ أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل ؟ ـ يعني الإمام الحسن العسكريعليهالسلام ـ فقالا له: ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة فإذا نظر إلينا أرعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا فلمّا سمع العباسيّون ذلك انصرفوا خائبين(١) .
ــــــــــــ
(١) أصول الكافي: ١/٥١٢ ح ٢٣ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٣٤ وفي إعلام الورى: ٢/١٥٠ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٤.