وقال أبو الفيض الغماري الشافعي في (إبراز الوهم المكنون) - بعد أن أورده عن الدارقطني -: (وهو غريب منكَر، وقد جمع بأنّه عبّاسيّ الأُمّ، حسنيّ الأب، وليس بذاك، بل الحديث لا يصحّ) (93) .
وهو ما رواه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق)، بإسنادهما عن أحمد بن راشد الهلالي، عن حنظلة، عن طاووس، عن ابن عبّاس، عن أُمِّ الفضل بنت الحارث الهلالية، عن سعيد بن خيثم، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو حديث طويل جاء فيه: (... يا عبّاس! إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولوُلْدك، منهم السفّاح، ومنهم المنصور، ومنهم المهديّ) (94) .
وفي هذا الحديث جملة مِن الملاحظات في سنده ومتنه، وهي:
أ - قال الذهبي عن سند الحديث: (وفي السند أحمد بن راشد الهلالي، عن سعيد بن خيثم، بخبر باطل في ذِكر بني العبّاس مِن رواية خيثم عن حنظلة... - إلى أن قال - عن أحمد بن راشد: فهو الذي اختلقه بجهل) (95) .
ب - في متن الحديث علّة قادحة واضحة تدلّ على جهل واضعه بالتاريخ، ولعلّها هي السبب في قول الذهبي: (اختلقه بجهل)، وهي أنّ العبّاسيّين قد ابتدأ حُكمهم بسنة 132 هـ باتّفاق جميع المؤرّخين، وليس بسنة 135 هـ كما هو في المتن.
ج - لا دلالة في هذا الحديث - حتّى مع القول بصحّته - على أنّ
____________________
(93) إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون، 563.
(94) تاريخ بغداد، 1، 63. وتاريخ دمشق، 4، 178.
(95) ميزان الاعتدال، 1، 97.