دفعها إلى التحري عن وجود الخلف لكي لايستقل جعفر الكذاب بالميراث وحده بمجرد شهادته!
فنقول: ومع هذا، فانه ليس من شأن السلطة الحاكمة آنذاك أنْ تتحرى عن هذا الاَمر بمثل هذا التصرف المريب، بل كان على السلطة ان تحيل دعوى جعفر الكذاب إلى أحد القضاة؛ لاسيما وان القضية من قضايا الميراث التي يحصل مثلها كل يوم مرات، وعندها سيكون بوسع القاضي التحقيق واستدعاء الشهود كأُمّ الاِمام العسكري عليه السلام، ونسائه وجواريه والمقربين اليه من بني هاشم، ثم يستمع إلى اقوالهم ويثبت شهاداتهم، ثم يصدر الحكم على ضوء ما بيديه من شهادات، أمّا أنّ تنفرد السلطة بنفسها ويصل الاَمر إلى أعلى رجل فيها، وبهذه السرعة، ولمّا يدفن الاِمام الحسن عليه السلام، وخروج القضية عن دائرة القضاء مع أنّها من اختصاصاته، ومن ثم مداهمة الشَرَطة لمن في بيت الاِمام العسكري عليه السلام بعد وفاته مباشرة، كل ذلك يدل على تيقن السلطة من ولادة الاِمام المهدي وإنْ لم تره، لما سبق من علمهم بثاني عشر أهل البيت كما أشرنا إليه؛ ولهذا جاءت للبحث عنه لابعنوان إعطاء ميراث العسكري عليه السلام لمن يستحقه من بعده، وإنّما للقبض عليه والفتك به بعد أن لم يجدوا لذلك سبيلاً في حياة أبيه العسكري عليه السلام.
ولهذا كان الخوف على حياته الشريفة من اسرار غيبته عليه السلام كما مر عليك في إخبار آبائه الكرام عليهم السلام عنها قبل وقوعها بعشرات السنين.
لا شك في أنّ الرجوع إلى أصحاب كلّ فن ضرورة، والأولى