10%

الكتب الفقهيّة في العصور الماضيّة، أن مسائل جديدة دخلت إلى الفقه مع مرور الزمان، وبحسب احتياجات الناس، ما أدّى إلى زيادة حجم الموضوعات الفقهيّة وثرائها. وقد وسّع الفقهاء ـ وإلى حد كبير، ولأجل الإجابة على المسائل المستجَدة الّتي كانت تعرض للمسلمين، وكذلك الإجابة عن الأسئلة المطروحة ـ نطاق استخراج الفروع والمسائل من الأصول؛ بحيث إنّ صاحب جواهر الكلام بذل عمراً طويلاً نسبياً، ومشقّة وجهوداً عظيمة، حتّى تمكّن من تدوين دورة فقهيّة.

وقد استمرّت الفروع الفقهيّة في الازدياد والتوسّع بعد وفاة صاحب الجواهر، عن طريق الشيخ الأنصاري [صاحب المكاسب والرسائل، ١٢١٤ ـ ١٢٨١ هـ] ومن جاء بعده، وإلى يومنا هذا، وكلّ بحسب قدرته. وعلى هذا، فقد طوى علم الفقه طريق النموّ والتكامل إلى جانب العلوم الإسلاميّة، بل قبلها. وهو اليوم بين أيدي رجال الحوزة على هيئة كنز ثمين لا ينضب، يضُمّ كمّيّات هائلة من المسائل والفروع الفقهيّة.

التطور الكيفي للفقه

لم يكن تطوّر الفقه واتساعه في زيادة أحجام الكتب الفقهيّة ومضاعفة الفروع والأبواب الفقهيّة فحسب، بل كان له نموّ كيفي أيضاً، يعادل ويواكب نموّه الكمي وزيادة مسائله وفروعه، فتكاملت أساليب الاستدلال والاجتهاد واستنباط الأحكام من المصادر طوال هذه الفترة.

ورغم أنّ النموّ الكيفي لم يكن بمستوى واحد خلال جميع الفترات الماضية، وكان يعرض له الضعف في بعض المراحل التاريخيّة، إلاّ أنّه يمكن القول، بصورة عامّة، إنَ النموّ الكيفي للفقه تحقّق بالتزامن مع النموّ الكمي، بل قبله أيضاً. ولم يتوقّف عن الحركة في أيّ وقت؛ ذلك أنّ فقهاء الإماميّة واكبوا حركة الزمن، وكانوا يبحثون شتّى الموضوعات والأسئلة الّتي كانت تعرض للأمّة الإسلاميّة، ويقدّمون حلولاً فقهيّة مناسبة ومسعِفة، ولم يكونوا ليتركوا سؤالاً من دون جواب. وفضلاً عن هذا، فقد كانوا يضعون على بساط البحث والدراسة كثيراً من الموضوعات والمسائل الّتي كانت أذهانهم المبدعة تحتمِل ظهورها، ويوضحون أحكامها، ويفتحون آفاقاً وطرقاً جديدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة.