10%

وكان تجديد عدد من الفقهاء الماضين، قد بلغ من الأهميّة حدّاً كان يحدث معه ـ أحياناً ـ ثورة في بعض أبواب الفقه. فمثلاً عندما أفتى العلاّمة الحلّي ـ وبعد عدّة قرون من الفتوى بتنجس ماء البئر بمجرد ملامسته النجاسة ـ بعدم نجاسة ذلك الماء، أحدث تغيّراً عظيماً في باب الطهارة. وقد عرض هذا الرأي بشكل استدلالي متين جعل الفقهاء الّذين تلوه يؤيّدونه جيلاً بعد جيل(٨) .

وقد قدّم فقهاء مبدعون، مثل: ابن إدريس [محمد بن أحمد الحلّي، ت٥٩٨ هـ]، والشهيدين الأوّل [محمد بن مكي، ت٧٨٦هـ] والثاني [زين الدين العاملي، ت٩٦٥هـ]، والمحقّق الكركي، والمحقّق الأردبيلي [ت٩٩٣ هـ]، والشيخ الأنصاري وغيرهم، وكلُّ في عصره، أساليب خاصّة بهم، وأبدعوا آثاراً قيّمة، طوّرت الفقه منهجاً وأسلوباً. كما أنّ بعض الفقهاء الّذين كانت لهم علاقة مع الحكومات القائمة في زمانهم، كانوا يقدّمون الحلول الفقهيّة الناجعة للمشكلات الفقهيّة ذات الطابع الاجتماعي العام.

الفقه في عصرنا

ويتمتّع الفقه اليوم بمنزلة سامية في الحوزات العلميّة، فكثيرون هم العلماء الّذين يجدّون ليل نهار في مجالات التدريس، والتأليف، وإيضاح المسائل الفقهيّة. ورغم هذا كلّه، يبدو أنّ النموّ الكيفي ـ وبعبارة أخرى، تطوّر ورقيّ الفقه في الحوزات العلميّة ـ ليس بالمستوى المطلوب، وكما يقول الشهيد مطهري:

ــــــــــــــ

٨ ـ قواعد الأحكام، ج١، ص٥، وتحرير الأحكام، ص٤، ومختلف الشيعة، ج١، ص٢٥.