تنظِّم علاقتهم بالله... وبالجهاز الحاكم، وتنظِّم العلائق الّتي يمكن تصورها. إنّ للإسلام قوانين تنظِّم كلّ هذه الشؤون... فالإسلام يحتوي على نظام للحكم يناظر مؤسّسات الأنظمة الأخرى للحاكم، لكن مؤسّساته تقوم على أساس العدالة. كما أنّ له قوانين تنظِّم علاقة الجهاز الحاكم بالرعيّة، بمختلف فئاتها)) (٣) .
إنّ أهميّة علم الفقه الّتي أشرنا إليها، تملي على العلماء والباحثين ضرورة تطوير الفقه والنهوض به؛ ليبلغ إلى ما يرتجى منه كنظام يقنن لجوانب الحياة الإنسانيّة كلِّها، على الصعيدين الفردي والاجتماعي، الدنيوي والأخروي.
اختلف الباحثون في تعداد المراحل الّتي مرَّ بها الفقه؛ فمنهم من أوصلها إلى تسعة(٤) ، في حين رأى آخرون غير ذلك، منهم محمود شهابي واعتمد تقسيماً آخر للفقه(٥) . وبغضِّ النظر عن هذا الاختلاف في عدد مراحل الفقه وطبقات الفقهاء، الّذي يبتني على المعيار المعتمد من زمني أو كيفي، يلاحظ تطور الفقه نفسه. ولو لاحظنا تطور الفقه بنظرة إجماليّة، نجد أنّ الفقهاء اعتمدوا في تدوين فقههم، نصوص الروايات الواردة عن الأئمّةعليهمالسلام ، دون أيَّ إضافة أو تفريع عليها؛ اللَّهُم إلاّ حذف اسنادها ودرجها على شكل مجموعة من المسائل.
وهكذا إلى أن أتى الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠)، فلم يرقه الجمود الفقهي:(( إنّي لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقِّهة والمنتسبين إلى علم الفروع ينسبونهم إلى قلّة الفروع وقلّة المسائل... وكنت، على قديم الوقت، متشوِّق النفس إلى عمل كتاب يشتمل على ذلك، تتوق نفسي إليه، فيقطعني عن ذلك القواطع وتشغلني الشواغل...)) (٦) .
ــــــــــــــ
٣ ـ أنظر: الإمام الخميني، الكوثر، ط١، طهران، مؤسّسة تنظيم ونشر تراث الإمام، ١٩٩٦م، ج٢، ص٤٧٣.
٤ ـ أبو القاسم كرجي، تاريخ فقه وفقها (بالفارسيّة)، ط١، طهران، سمت، ١٣٧٥هـ. ش.
٥ ـ محمو شهابي، أدوار فقه، ط٥، طهران، وزارة الإرشاد، ١٣٧٥هـ. ش.
٦ ـ محمد بن الحسن الطوسي، المبسوط، طهران، المكتبة المرتضويّة، ١٣٨٧هـ، ج١، ص٢.