10%

٢ ـ التَّحول في المنهج:

ترتكز كثير من الخلافات الفقهيّة على التغير في المنهج المعتمد في استنباط الأحكام، وبهذا وحده يمكن تفسير الخلاف بين الأخباريّين والأصوليّين في الفقه الإمامي؛ حيث أنكرت الفئة الأولى قيمة العقل في استنباط الأحكام وقبلتها الأخرى ضمن حدود وضوابط قرَّروها. وهكذا كثير من الخلافات الفقهيّة، ترتدُّ بالتالي إلى أصول منهجيّة. ومن هنا لا يمكن أن يتطوّر الفقه، إلا بتطوّر منهجه وأدواته العلميّة المعتمدة. ويبدو أثر المنهج الأصولي واضحاً في كثير من المسائل الفقهيّة، فمن يتابع فتاوى الشيخ يوسف البحراني يجده يتوقّف عن الفتوى في كثير من الموارد، بينما نجد غيره من أصحاب المنهج الأصولي يجترحون الحلول الفقهيّة لموارد توقّفه(٩) .

٣ ـ زيادة المسائل:

لا شكَّ في أنّ زيادة المسائل تُعَدُّ إحدى مسارب التطوير الفقهي، وهذه الزيادة على شكلين، فتارةً تُأخَذ زيادة المسائل كحالة افتراضيّة؛ بحيث يُعمِل الفقيه ذهنه لاختراع المسائل والإشكاليّات الفقهيّة ثُمََّّ البحث عن حلول لها، وهذا النحو لا يمكن عدُّه تطوّراً، إلاّ بنحو من التحفّظ، وبحسب الموارد. وقد كان الفقه يتطوّر في بعض مراحله على هذا النحو(١٠) . وأخرى يَأخُذ تطور الفقه بزيادة المسائل شكلاً مرتبطاً بالواقع؛ بحيث تزداد المسائل بحسب حاجة الواقع، لا بحسب الافتراضات الذهنيّة، وهذا النحو من الزيادة يمليه حدوث مشكلات واقعيّة تواجه العقل الفقهي وتحتاج إلى حلول مستوحاة من المصادر الشرعيّة، ليكيّف المكّلف المسلم سلوكه على ضوئها، ومثال ذلك: أحكام البنوك، التأمين، ترقيع الأعضاء وبيعها، الاستنساخ، الموت الرحيم،... إلخ. وهذا الشكل من

ــــــــــــــ

٩ ـ أنظر: يوسف البحراني، الحدائق الناضرة، ج١٤، ص٤٦٢.

١٠ ـ أنظر: جعفر كاشف الغطاء، كشف الغطاء، طبعة حجرية، أصفهان، مهدوي، ج١، ص٢٧، توبة الزاني عند النزع.