10%

مجال الفقه وحدوده  مدخل عام

مهدي مهريزي

ترجمة: خالد توفيق

إنّ البحث عن سؤال ((ماذا يريد الإنسان من الدين؟)) يمكن الإطلالة عليه ودرسه من زاويتين:

الأولى: من خارج الدين؛ بحيث نصل، من خلال المعايير العقلانيّة، إلى ما نتوقّعه من الدين وما نريده منه.

الثانية: من داخل الدين؛ حيث تسعى هذه الرؤية إلى أن تستشفّ الجواب من خلال الاستناد إلى النصوص الدينيّة، لكي تتبيّن التخوم الّتي تمتدّ إليها دائرة الدين في صلتها بحياة الإنسان.

والرؤية الّتي تطلّ على المقولة من خلال البُعد الثاني (الديني) هي الّتي يُطلق عليها ((كمال الدين)) أو ((شمول الدين وجامعيّته)).

هناك الكثيرون من العلماء يشتغلون على هذا الموضوع وينظرون إليه من خلال الزاوية الأولى؛ [النظر إلى دور الدين من خارج الدين وعبر المعايير العقلانيّة]، إلاّ أنّ الحقّ أنّ هذه المعالجة ناقصة، وهي تعبير عن رؤية غير تامّة ولا منسجمة. فما لم يتحدّد لنا ما هو المراد من الدين، ولماذا ينبغي اللجوء إليه، لا يمكن معرفة مجاله، والدائرة الّتي يمتدّ إليها. فلو يمّمنا وجوهنا صوب الدين على أثر/ وبدافع حاجات و متطلّبات يعجز الإنسان نفسه عن تلبيتها، فلا يمكن أن يُنفى وقوع الخطأ في معرفة احتياجات الإنسان وتشخيصها، ومن ثُمََّ، فإنّنا نطلب من الدين أن يلبّي لنا رغباتنا في متطلّبات لم نعرفها.

وبتعبير آخر، يمكن للدين أن يلبّي ـ من جهة ـ التوقّعات الأوليّة للإنسان، كما يؤدّي ـ من جهة أخرى ـ إلى توسّع دائرة الترقّب. تُرى هل عرف الإنسان جميع أبعاد نفسه حتّى يكون مُحِيطاً باحتياجاته ومتطلّباته كافّة؟، إذا ما آمنا بعجز الإنسان، في الجملة، عن تلبية بعض الاحتياجات، فعندئذ لا يمكن إنكار عجزه وقصوره فيما يرتبط باستنتاج آماله ومتطلّباته.