وكان بعد ذلك نحمل الأموال إلى بغداد إلى النوَّاب المنصوبين بها ويخرج من عندهم التوقيعات.
قال مصنّف هذا الكتابرضياللهعنه : هذا الخبر يدلُّ على أنَّ الخليفة كان يعرف هذا الامر كيف هو [ وأين هو ] وأين موضعه، فلهذا كفَّ عن القوم عمّا معهم من الأموال، ودفع جعفرا الكذاب عن مطالبتهم(١) ولم يأمرهم بتسليمها إليه إلّا أنَّه كان يحب أن يخفى هذا الامر ولا ينشر لئلّا يهتدي إليه النّاس فيعرفونه، وقد كان جعفر الكذَّاب حمل إلى الخليفة عشرين ألف دينار لمّا توفّي الحسن بن عليٍّعليهماالسلام وقال: يا أمير المؤمنين تجعل لي مرتبة أخي الحسن ومنزلته. فقال الخليفة: اعلم أنَّ منزلة أخيك لم تكن بنا إنّما كانت بالله عزَّ وجلَّ ونحن كنّا نجتهد في حط منزلته والوضع منه، وكان الله عزَّ وجلَّ يأبى إلّا أن يزيده كلَّ يوم رفعة لمّا كان فيه من الصيانة وحسن السّمت(٢) والعلم والعبادة، فإنَّ كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا، وإن لم تكن عندهم بمنزلته ولم يكن فيك ما كان في أخيك لم نغن عنك في ذلك شيئا.
٤٤
( باب )
* (علة الغيبة) *
١ - حدَّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّلرضياللهعنه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: صاحب هذا الامر تعمى ولادته على [ هذا ] الخلق لئلّا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج.
٢ - حدَّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدَّثنا سعد بن عبد الله
__________________
(١) في بعض النسخ « عنهم » مكان « عن مطالبتهم ».
(٢) السمت - بفتح المهملة -: هيئة أهل الخبر. وتقدم تفصيله سابقا في رواية أحمد ابن عبيد الله بن خاقان.