2%

ينكشف عنهم ران الظلمة(١) عند مهلة التأمل للحقِّ(٢) بيّناته وشواهد علاماته كحال اتّضاحه وانكشافه عند من يتأمّل كتابنا هذا مريداً للنجاة، هارباً من سبل الضّلالة، ملتحقاً بمن سبقت لهم من الله الحسنى، فآثر على الضّلالة الهدى.

جواب عن اعتراض آخر

ومما سأل عنه جهّال المعاندين للحقِّ أن قالوا: أخبرونا عن الامام في هذا الوقت يدعى الامامة أم لا يدَّعيها ونحن نصير إليه فنسأله عن معالم الدِّين فإنَّ كان يجيبنا ويدّعي الامامة علمنا أنَّه الامام، وإن كان لا يدَّعي الامامة ولا يجيبنا إذا صرنا إليه فهو ومن ليس بامام سواء.

فقيل لهم: قد دل على إمام زماننا الصادق الّذي قبله وليست به حاجةٌ إلى أن يدَّعى هو أنَّه إمام إلّا أن يقول ذلك على سبيل الاذكار والتأكيد، فأمّا على سبيل الدَّعوى الّتي نحتاج إلى برهان فلا، لأنَّ الصادق الّذي قبله قد نصَّ عليه وبيّن أمره وكفاه مؤونة الادِّعاء، والقول في ذلك نظير قولنا في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في نصِّ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستغنائه عن أن يدَّعي هو لنفسه أنَّه إمام، فأمّا إجابته أياكم عن معالم الدِّين فإنَّ جئتموه مسترشدين متعلّمين، عارفين بموضعه، مقرِّين بامامته عرَّفكم وعلّمكم. وإن جئتموه أعداءً له، مرصدين بالسعاية إلى أعدائه، منطوين على مكروهه عند أعداء الحقِّ، متعرِّفين مستور امور الدِّين لتذيعوه لم يجبكم لأنّه يخاف على نفسه منكم، فمن لم يقنعه هذا الجواب قلبنا عليه السؤال في النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في الغار أن لو أراد النّاس أن يسألوه عن معالم الدِّين هل كانوا يلقونه ويصلون إليه أم لا، فإنَّ كانوا يصلون إليه فقد بطل أن يكون استتاره في الغار، وإن كانوا لا يصلون إليه فسواء وجوده في العالم وعدمه على علتكم، فإنَّ قلتم: أنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان متوقيّاً، قيل: وكذلك الامامعليه‌السلام في هذا الوقت متوق، فإنَّ قلتم: أنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك قد ظهر ودعا إلى نفسه، قلنا: وما في ذلك من الفرق أليس قد كان نبيّاً قبل أن يخرج من الغار

__________________

(١) أي تغطية الظلمة. وفي بعض النسخ « درن الظلمة » والدرن: الوسخ.

(٢) في بعض النسخ « المتأمل للحق ».