17%

وقال الفضل اخذ يوماً شيخي بيدي وذهب بي الى ابن ابي عمير فصعدنا اليه في غرفة وحوله مشائخ له يعظمونه ويبجلونه، فقلت لأبي: من هذا، قال هذا ابن ابي عمير قلت: الرجل الصالح العابد؟ قال نعم.

وروى ان هارون الرشيد انفذ الى موسى بن جعفرعليه‌السلام جارية حصيفة(١) لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن، وانفذ الخادم اليه ليستفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول: قدوس قدوس سبحانك سبحانك سبحانك، فأتى بها وهي ترعد شاخصة الى السماء بصرها، واقبلت في الصلاة، فاذا قيل لها في ذلك، قالت هكذا رأيت العبد الصالح فما زالت كذلك حتى ماتت.

فصل فيما جرى عليه عليه السلام من الرشيد

قبض الرشيد على موسى بن جعفرعليه‌السلام سنة ١٧٩ تسع وسبعين ومئة في سفره إلى مكة المعظمة، وهو عند رأس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائماً يصلي، فقطع عليه صلاته وحمل وهو يبكي ويقول اليك أشكو يا رسول اللّه ما القى، واقبل الناس من كل جانب يبكون ويضجون، فلما حمل الى بين يدي الرشيد سلم على الرشيد فلم يرد عليه السلام وشتمه وجفاه وقيده، فلما جن عليه الليل امر بقبتين فهيِّئتا له فحمل موسى بن جعفرعليه‌السلام الى إحداهما في خفاء ودفعه الى حسان السروي وامره ان يسير به في قبة الى البصرة فيسلمه الى عيسى بن جعفر بن ابي جعفر، وهو اميرها، ووجه قبة اخرى علانية نهاراً الى الكوفة معها جماعة ليعمى على الناس امر موسى بن جعفر، فقدم حسان البصرة قبل التروية

____________________

(١) بمهملتين (منه) يعني مُحكمة العقل.