17%

وأخذ المجسة من كلتا يديه فوجدا نبضه خارجاً عن الاعتدال، منذراً بالفناء، والانحلال، والتزقت ايديهما ببشرته لعرق كان يظهر منه، من سائر جسده، كالزيت او كلعاب بعض الافاعي، فأخبر المعتصم بذلك، فسألهما عن ذلك فانكرا معرفته، وانهما لم يجداه في شيء من الكتب، وانه دال على انحلال الجسد، فاحضر المعتصم الاطباء حوله يؤمل خلاصه مما هو فيه، فلما ثقل قال: اخرجوني اشرف على عسكري وانظر الى رحالي، واتبين ملكي، وذلك في الليل، فأخرج فاشرف على الخيم والجيش وانتشاره وكثرته، وما قد وقد من النيران، فقال يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه، ثم رد الى مرقده واجلس المعتصم رجلاً يشهده، لما ثقل فرفع الرجل صوته ليقولها، فقال له ابن ماسويه: لا تصح فواللّه ما يفرق بين ربه وبين ما بي(١) ، في هذا الوقت، ففتح عينيه من ساعته وبهما من العظم والكبر والاحمرار ما لم ير مثله قط، واقبل يحاول البطش(٢) بيديه بابن ماسويه، ورام مخاطبته فعجز عن ذلك، وقضى عن ساعته وذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثماني عشرة ومئتين وحمل الى طرسوس فدفن بها.

فصل في استشهاد الرضا عليه السلام وثواب زيارته

قبض ابو الحسن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في آخر صفر كما اختاره ابن الاثير والطبرسي والسيد الشبلنجي وغيرهم من سنة ٢٠٣ ثلاث ومئتين وهو ابن خمس وخمسين سنة، وتوفي بطوس في قرية يقال لها سناباد من نوقان على دعوة(٣) ودفن بها (صلوات اللّه عليه)، وكتب المأمون الى اهل

___________________________________________

(١) يعني انه في حالة الاغماء ولا يفهم ما تقول ولا يتميز الاشخاص.

(٢) أي يريد ان يضربه بشدة وقصد ان يخاطبه بما يسوؤه.

(٣) أي فاصلتها من نوقان على مسيرة صوت واع.