الامرالثاني: هل القطع الحاصل من المقدمات العقلية حجة
إنك قد عرفت أنه لا فرق فيما يكون العلم فيه كاشفا محضا بين أسباب العلم.
وينسب إلى غير واحد من أصحابنا الاخباريين عدم الاعتماد على القطع الحاصل من المقدمات العقلية القطعية الغير الضرورية، لكثرة وقوع الاشتباه والغلط فيها، فلا يمكن الركون إلى شئ منها.
فإن أرادوا عدم جواز الركون بعد حصول القطع، فلا يعقل ذلك في مقام إعتبار العلم من حيث الكشف، ولو أمكن الحكم بعدم إعتباره لجرى مثله في القطع الحاصل من المقدمات الشرعية طابق النعل بالنعل.
وإن أرادوا عدم جواز الخوض في المطالب العقلية لتحصيل المطالب الشرعية لكثرة وقوع الغلط والاشتباه، فلو سلم ذلك وأغمض عن المعارضة، لكثرة ما يحصل من الخطأ في فهم المطالب من الادلة الشرعية، فله وجه.
وحينئذ فلو خاض فيها وحصل القطع بما لا يوافق الحكم الواقعي لم يعذر في ذلك، لتقصيره في مقدمات التحصيل، إلا أن الشأن في ثبوت كثرة الخطأ أزيد مما يقع في فهم المطالب من الادلة الشرعية.
وقد عثرت، بعدما ذكرت هذا، على كلام يحكى عن المحدث الاسترابادي في فوائده المدنية، قال في عداد ما استدل به على إنحصار الدليل في غير الضروريات الدينية في السماع عن الصادقين عليهم السلام، قال: (الدليل التاسع مبني على مقدمة دقيقة شريفة تفطنت بتوفيق الله تعالى.
وهي أن العلوم النظرية قسمان، قسم ينتهي إلى مادة هي قريبة من الاحساس، و من هذا القسم علم الهندسة والحساب وأكثر أبواب المنطق.
وهذا القسم لا يقع فيه الخلاف بين العلماء والخطأ في نتائج الافكار.والسبب في ذلك أن الخطأ في الفكر