4%

المقام الثاني في غير المتمكن من العلم

والكلام فيه تارة في تحقق موضوعه في الخارج، وأخرى في أنه يجب عليه مع اليأس من العلم تحصيل الظن أم لا، وثالثة في حكمه الوضعي قبل الظن وبعده.

أما الاول، فقد يقال فيه بعدم وجود العاجز، نظرا إلى العمومات الدالة على حصر الناس في المؤمن والكافر، مع ما دل على خلود الكافرين بأجمعهم في النار، بضميمة حكم العقل بقبح عقاب الجاهل القاصر، فيكشف ذلك عن تقصير كل غير مؤمن، وأن من تراه قاصرا عاجزا عن العلم قد تمكن من تحصيل العلم بالحق ولو في زمان ما وإن صار عاجزا قبل ذلك أو بعده، والعقل لا يقبح عقاب مثل هذا الشخص.

ولهذا إدعى غير واحد في مسألة التخطئة والتصويب الاجماع على أن المخطئ في العقائد غير معذور.

لكن الذي يقتضيه الانصاف: شهادة الوجدان بقصور بعض المكلفين.

وقد تقدم عن الكليني ما يشير إلى ذلك، وسيجئ من الشيخ، قدس سره، في العدة من كون العاجز عن التحصيل بمنزلة البهائم.هذا مع ورود الاخبار المستفيضة بثبوت الواسطة بين المؤمن والكافر.

وقضيه مناظرة زرارة وغيره مع الامام، عليه السلام، في ذلك مذكورة في الكافي.

ومورد الاجماع، على أن المخطى ء آثم، هو المجتهد الباذل جهده بزعمه، فلا ينافي كون الغافل والملتفت العاجز عن بذل الجهد معذورا غير آثم.

وأما الثاني، فالظاهر فيه عدم وجوب تحصيل الظن عليه، لان المفروض عجزه عن الايمان والتصديق المأمور به، ولا دليل آخر على عدم جوازإ الوقف، وليس المقام من قبيل الفروع في وجوب العمل بالظن مع تعذر العلم، لان المقصود ولا معنى للتوقف فيه، لا بد عند إنسداد باب العلم من العمل على طبق أصل أو ظن.

والمقصود فيما نحن فيه الاعتقاد.

فإذا عجز عنه، فلا دليل على وجوب تحصيل الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا، فيندرج في عموم قولهم عليهم السلام: (إذا جاء‌كم ما لا تعلمون فها).

نعم لو رجع الجاهل بحكم هذه المسألة إلى العالم ورأى العالم منه التمكن من تحصيل الظن بالحق ولم يخف عليه إفضاء نظره الظني إلى الباطل، فلا يبعد وجوب إلزامه بالتصحيل، لان