4%

المقصد الثالث من مقاصد الكتاب في الشك

[ مقدمة ]

قد قسمنا، في صدر هذا الكتاب، المكلف الملتفت إلى الحكم الشرعي العملي في الواقعة على ثلاثة أقسام، لانه إما أن يحصل له القطع بحكمه الشرعي، وإما أن يحصل له الظن، وإما أن يحصل له الشك.

وقد عرفت أن القطع حجة في نفسه لا بجعل جاعل، والظن يمكن أن يعتبر في متعلقه، لكونه كشفا ظنيا ومرآة لمتعلقه.

لكن العمل به والاعتماد عليه في الشرعيات موقوف على وقوع التعبد به، وهو غير واقع إلا في الجملة.

وقد ذكرنا موارد وقوعه في الاحكام الشرعية في الجزء الاول من هذا الكتاب.

وأما الشك، فلما لم يكن فيه كشف أصلا لم يعقل فيه أن يعتبر.

فلو ورد في مورده حكم شرعي، كأن يقول: (الواقعة المشكوكة حكمها كذا)، كان حكما ظاهريا، لكونه مقابلا للحكم الواقعي المشكوك بالفرض.

ويطلق عليه الواقعي الثانوي أيضا، لانه حكم واقعي للواقعة المشكوك في حكمها، وثانوي بالنسبة إلى ذلك الحكم المشكوك فيه، لان موضوع هذا الحكم الظاهري، وهي الواقعة المشكوك في حكمها، لا يتحقق إلا بعد تصور حكم نفس الواقعة والشك فيه.مثلا شرب التتن في نفسه له حكم، فرضنا فيما نحن فيه شك المكلف فيه.

فإذا فرضنا ورود حكم شرعي لهذا الفعل المشكوك الحكم كان هذا الحكم الوارد متأخرا طبعا عن ذلك المشكوك.

فذلك الحكم حكم واقعي بقول مطلق، وهذا الوارد ظاهري، لكونه المعمول به في الظاهر، وواقعي ثانوي، لانه متأخر عن ذلك الحكم، لتأخر موضوعه عنه، ويسمى الدليل الدال على هذا الحكم الظاهري أصلا.