ونقدم هنا ملاحظتين :
أ ـ إن وجود القواعد الشرعية في روايات أهل بيت العصمة: لا يلغي علم الأصول ، فإن استفادة القاعدة والحكم من الحديث يتوقف على عدة عناصر أصولية ، منها تحقيق الظهور من خلال مباحث الألفاظ المطروحة في علم الأصول كالبحث في الأوامر والنواهي والمفاهيم والعام والخاص والمطلق والمقيد ، ومنها الإعتراف بكبرى حجية الظهور ، ومنها الاعتراف بحجية خبر الثقة ، ومنها إجراء قواعد التعارض لو كان للنص معارض ، وهذه العناصر كلها مدونة في علم واحد هو علم الأصول ، فمجرد وجود القواعد والأحكام في النصوص المعصومية لا يلغي الحاجة لعلم الأصول.
ب ـ إن وجود القواعد الأصولية نفسها في النصوص والروايات ، كالروايات الدالة على حجية خبر الثقة ، وعدم حجية القياس ، وحجية أصالة البراءة والإستصحاب ، وقواعد التعارض ، لا يلغي قيمة علم الأصول بل يؤكد لنا انبثاق هذا العلم من منبعه الصافي وهم أهل البيت: لا من المدارس الأخرى كما ذكر بعض المحدثين. فوجود هذه المسائل الأصولية في النصوص كوجود بعض البحوث الأصولية في ضمن البحوث الفقهية ، نحو ما ذكره الكليني في الكافي في كتاب الطلاق عن الفضل بن شاذان انه استدل على بطلان بعض صور الطلاق بأن النهي يقتضي الفساد(١) ، وهي قاعدة أصولية ، كذلك ما صنعه صاحب الحدائق عندما بحث حجية الإجماع ضمن حديثه عن صلاة الجمعة(٢) ، كل ذلك لا يلغي أهمية علم الأصول واستقلاليته عن لغيره من
__________________
(١) الكافي ٦ : ٩٣ / ٩٤٥.
(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٣٦١.