وما تعنيه هذه القاعدة ، هو أن ما تدعو إليه الضرورة من المحظورات إنّما يرخّص منه القدر الذي تندفع به الضرورة فحسب ، فإذا اضطر الإنسان لمحظور لأي سبب مسوّغ كالاكراه ، أو المخمصة ونحوهما ، فليس له أن يتوسع في المحظور ، بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط.
ومن ثمرات هذه القاعدة كما صرّح به الشيخ الزرقا : «إنّه من أُكْرِهَ على اليمين الكاذبة فإنّه يُباح له الإقدام على التلفظ مع وجوب التورية والتعريض فيها إنْ خطرت على باله التورية والتعريض»(1) .
وهناك قواعد أُخرى تصب في هذا الاتجاه أيضاً ، سنكتفي بذكرها دون شرحها لأجل الاختصار ، وهي :
وقد ذهب الشيخ الأنصاري إلى أبعد من هذه القاعدة في حال التقيّة ، إذ جوّز التقيّة للمكره في صورة إزالة الضرر عن نفسه حتى مع كون الضرر على الغير أشد ما لم يصل إلى حد القتل ، فقال في حديثه عن قاعدة لاضرر الآتية : (اتفقوا على أنه يجوز للمكره الاضرار على الغير بما دون القتل ، لأجل دفع الضرر عن نفسه ، ولو كان أقل من ضرر الغير)(2) .
وهذا مالم يوافقه عليه جملة من كبار الفقهاء المعاصرين آخذين بهذه القاعدة(3) .
وفي هذه القاعدة قسّم السيد الخوئيقدسسره ، والسيد السيستاني الضرر إلى
__________________
(1) شرح القواعد الفقهية / أحمد بن محمد الزرقا : 188 في شرح القاعدة رقم 21.
(2) رسائل الشيخ الأنصاري : 298 ، في آخر البحث عن أصل الاشتغال.
(3) القواعد الفقهية / ناصر مكارم الشيرازي 1 : 89 في قاعدة التقيّة. واُنظر : مصباح الاُصول (تقريراً لبحث السيد الخوئي) 2 : 562 ، والتنبيه السابع من تنبيهات قاعدة لا ضرر.