33%

3 ـ اتّفاقهما في إباحة بعض المحظورات الشرعية :

ومن نقاط الاتفاق الواضحة بينهما هو أن الضرورة تجعل المحظور مباحاً كما مرَّ في قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) ، وكذلك الحال مع الاكراه ، إذ يبيح ارتكاب بعض المحرمات ، ومنها المساس بحقوق الآخرين.

وعلى هذا الوجه يدخل الاكراه في مفهوم الضرورة العام الذي يعني تحققها بمجرد حلول خطر لا يندفع إلاّ بمحظور(1) .

ومن هنا يتبين عدم الفرق بينهما من جهة الملاك ، لأنّ ملاكهما واحد ، وهو رفع الضرر الأهم بارتكاب ترك المهم(2) .

ولهذا علّل بعض فقهاء القانون الوضعي انتفاء المسؤولية في حالة الضرورة بفكرة الاكراه؛ لأنَّ من يكون في حالة ضرورة هو مكره على الفعل الذي يخلصه منها ، وكثير منهم قرن أحدهما بالآخر(3) .

وبهذا العرض الموجز عن الاكراه وصلته بالضرورة والتقيّة ، نعود إلى الحديث عن التقيّة لنتعرف أولاً على أصولها ومصادرها التشريعية عبر بيان أدلتها من القرآن الكريم والسُنّة المطهّرة ، ودليل العقل والإجماع.

__________________

(1) راجع : الضرورة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي / الدكتور محمد محمود عبدالعزيز الزيني : 59 ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الاسكندرية / 1993 م.

(2) راجع القواعد الفقهية / ناصر مكارم الشيرازي 2 : 19.

(3) راجع الإحكام العامة في قانون العقوبات / الدكتور السعيد مصطفى السعيد : 417 ، وشرح قانون العقوبات القسم العام / الدكتورمحمود المصطفى : 326 نقلاً عن الضرورة للدكتور محمد محمود الزيني : 223.