و ينادي باسمها ، مثلاً يا للنّخع أو يا لكندة نداء عالياً يقصد به الفتنة و إثارة الشرّ ، فيتألّب عليه فتيان القبيلة التي قد مرّ بها ، و ينادون يا لتميم و يا لربيعة ،
فيضربونه فيمرّ إلى قبيلته ، و يستصرخ بها و تسلّ بينهم السيوف ، و تثور الفتنة ، و لا يكون لها أصل في الحقيقة ، و لا سبب يعرف إلاّ تعرّض الفتيان بعضهم ببعض ، و كثر ذلك منهم ، فخرج عليه السّلام إليهم على ناقة فخطبهم هذه الخطبة ١ .
ثم قال : و قد ذكر الشّارحون في تسمية هذه الخطبة القاصعة وجوهاً :
أحدها و هو أقربها أنّه عليه السّلام كان يخطبها على ناقته ، و هي تقصع بجرّتها ، فجاز أن يقال : إنّ هذه الحال لما نقلت عنه في اسناد هذه الخطبة نسبت الخطبة إلى الناقة القاصعة ، فقيل : خطبة القاصعة ثم كثر استعمالها ، فجعلت من صفات الخطبة نفسها ، أو لأنّ الخطبة عرفت بهذه الصفة لملازمة قصع الناقة لانشائها ، و العرب تسمّي الشيء باسم لازمه ٢ .
قلت : قال الجزريّ في ( نهايته ) في الحديث « خطبهم على راحلته و أنّها لتقصع بجرّتها » أراد شدّة المضغ و ضمّ بعض الأسنان على البعض ، و قيل :
قصع الجرّة : خروجها من الجوف إلى الشّدق ، و متابعة بعضها بعضاً ، و إنّما تفعل النّاقة ذلك إذا كانت مطمئنة و إذا خافت شيئاً لم تخرجها ، و أصله من تقصيع اليربوع ، و هو : إخراجه تراب قاصعائه و هو : جحره ٣ ، و يمكن أن يكون وجه التّسمية كون القاصعة من : قصع العطشان غلّته بالماء ، إذا سكّنها أو من : قصع الغلام قصعاً : ضربه ببسط كفّه على رأسه .
ـــــــــــــــــ
( ١ ) شرح ابن ميثم ٤ : ٢٣٣ .
( ٢ ) شرح ابن ميثم ٤ : ٢٣٤ .
( ٣ ) النهاية لابن الأثير ٤ : ٧٢ مادة ( قصع ) .