وكيف كان، فالروايات في استحباب زيارته وشفاعته لزوّاره، داخلة في قسم المتواتر، وعمل الصحابة، والتابعين، وأهل البيت أجمعين على ذلك.
قال عياض: زيارة قبر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم سنّة، أجمع عليها المسلمون. وروى غيره إجماع المسلمين قولاً وفعلاً على استحباب زيارته، وصريح بعضها(١) أن شدّ الرحال إليها لا مانع منه.
وفيما دل على استحباب التعظيم، وانّ حرمة الاموات كحرمة الأحياء، كفاية.
الفصل الثاني
في زيارة باقي القبور
قد مرّ في الأخبار الماضية زيارة الصحابة قبري الشيخين.
وروى بريدة عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها(٢) .
ولعل السر- والله أعلم- أنه في مبدأ الأسلام كانت زيارة القبور وتذكار الموتى والقتلى، باعثاً على الجبن عن الجهاد، حتى إذا قوي الأسلام أمرهم بها. ونحو ذلك في خبر آخر.
وعن أبي هريرة، أنّ النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم زار قبر أمّه، ولم يستغفر لها، قال: أمرت بالزيارة، ونهيت عن الأستغفار، فزوروا القبور، فأنّها تذكر الموت(٣) .
وعن بريدة أنّ النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا خرج إلى المقابر، قال: (ا لسلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمي ن)، رواه مسلم(٤) .
وعن عائشة أنّ النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخرج إلى البقيع آخر الليل، فيقول: السلام عليكم… (الخبر)، رواه مسلم(٥) .
____________________
(١) في النسخة المطبوعة: وصرّح بعضهم.
(٢) صحيح مسلم (كتاب الجنائز)، المجلد الثاني، باب ٣٦، حديث١٠٦؛ وسنن ابن ماجه (باب ما جاء في زيارة القبور)، باب ٤٧، حديث ١٥٧١.
(٣) صحيح مسلم (كتاب الجنائز)، باب استئذان النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ربّه في زيارة قبر أمّه، حديث ١٠٨.
(٤) صحيح مسلم (كتاب الجنائز)، باب ما يقال عند دخول القبور، حديث ١٠٤.
(٥) صحيح مسلم (كتاب الجنائز)، باب ما يقال عند دخول القبور، حديث ١٠٢.