40%

شهدتها المنطقة.

وبمقدار النجاح الذي حققه كاشف الغطاء مع الشيخ عبدالوهاب، فأنّه أراد أن ينحو المنحى نفسه مع وريثه الأمير عبدالعزيز بن سعود، وهو وإن نجح في تحييده قرابة العقد من الزمن إلاّ أنّ ذلك لم يمنع ابن سعود من غزو مدينة كربلاء المقدسة عام ١٢١٦هـ، ونهب (الكنوز) المودعة في حرم الأمام الحسين بن عليعليه‌السلام ، وقتل أهالي البلدة قتلة مأساوية شنعاء.

إنّ الهجوم الوهابي على (كربلاء) عام ١٢١٦هـ لم يكن مستهدفاً الشيعة بمقدار ما كان يهدف إلى إحلال الفوضى في الأمبراطورية العثمانية، وتهديد سلامتها وسرقة الخزائن التي ملأها ملوك الهند والفرس بنفائس الجواهر في النجف وكربلاء.

وبعد واقعة كربلاء عام ١٢١٦هـ / ١٨٠١م أحسّ كاشف الغطاء بضرورة تحصين النجف، وتعبئة الأهالي للدفاع عنها. فتهيّأت لذلك مراكز تدريب قتالية خارج البلدة يشرف عليها كاشف الغطاء بنفسه. كما تمّ تعيين عدد من المقاتلين للحراسة، وتنظيم المجاميع الأخرى للتصدي للغزو الخارجي من وراء الأسوار(١) .

وقد فشلت جميع الهجمات الوهابية الخمسة التي تكررت على النجف والتي كان أعنفها الهجمة التي حدثت أواخر عام ١٢١٨هـ / ١٨٠٣م حيث دافع النجفيون دفاعاً عنيفاً، ولم تستطع القوّة الغازية من اقتحام المدينة.

وفي عام ١٢٢١هـ / ١٨٠٦م تعرضّت النجف لغارة مفاجئة إلاّ أنّ ثقة النجفيين بممارساتهم القتالية وتحصنّهم بالأسوار والأسلحة جعلهم يتغلبون هذه المرّة على القوّة المهاجمة بسهولة.

(منهج الرشاد) - النسخة الخطية

وهي نسخة مكتوبة في حياة المؤلف، وقريبة لزمن التأليف كتبها العلامة الشيخ قاسم الدلبزي سنة ١٢١٠هـ / ١٧٩٥م، وعليها تعليق له.

____________________

(١) انتدب كاشف الغطاء الصدر الأعظم محمد حسين خان (وزير فتح علي شاه) ببناء سور محصّن للمدينة وفعلاً فقد بدأ العمل ببناءه سنة ١٢١٨هـ / ١٨٠٣م، واستمرّ العمل فيه ما يقارب العقد من الزمن فأصبحت النجف بسببه بلدة محصّنة يصعب اقتحامها حيث تضمّن خندقاً عميقاً، وأبراجاً، ومراصد، ومخافر، وجعلت في طبقاته منافذ مختلفة لوضع فوهات المدافع البنادق.