٤- العلل المزعومة لقلة الاهتمام بالتدوين
قد عرفت أنّ النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم اهتمّ بكتابة حديثه ورغّب إليها، وانّ لفيفاً من الصحابة قاموا بتدوين صحف وكتب ورسائل حول حديثه وحفظوا بها سنّة الرسول في عصره وبعده، فصارت كالنواة لعصر التدوين.
كما أنّ أئمّة أهل البيتعليهمالسلام وشيعتهم لم يعيروا أهمية لمنع كتابة الحديث، وقد دونوا كتباً ورسائل في عصر الرسول وبعده.
ولكن هنا نكتة جديرة بالاِشارة، وهي انّ المسلمين لم يبذلوا عناية كافية بتدوين الحديث، وكان المترقب منهم - بعد رحيل الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم - هو بذل المزيد من العناية بذلك في كلّعصر، وتشكيل حلقات الدراسة والمذاكرة في مسجد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وخارجه كما شكّلوه في القرن الثاني.
وبذلك تعرّض تدوين الحديث لنكسة عرقلت خطاه.
فيقع الكلام في بيان ما هو السبب من وراء هذه النكسة؟ فقد ذكروا لها مبرّرات، وسنقوم بدراستها على وجه الاِيجاز.
الاَوّل: الاحتراز عن المضاهاة بكتاب اللّه تعالى
إنّ عدم الاهتمام بتدوين الحديث كان لغاية مقدسة وهي عدم اختلاط الحديث بالقرآن الكريم، فلذلك انصبَّ اهتمام المسلمين على تدوين القرآن ، دون تدوين الحديث وذلك لئلا يختلطا.