متعلقتان لقدرتين مختلفتين ، قدرة الله تعالى وقدرة العبد. ولا ضير في ذلك ، فإنّ اختلاف الجهة يبرّر تعدد القدرة التي يتعلق بها الفعل.
ولعلّنا لا نستطيع أن نصل إلى أمر محصل واضح عن ( الكسب ) ، فإنّ هذه العناوين التي يكسبها المكلف هي عين ( الإيجاد ) الذي تنسبه الأشعرية إلى الله تعالى. فلا معنى لإقامة الصلاة ، وإتيان الحج ، إلاّ إيجاد هذه الأعمال والحركات التي إذا اجتمعت تعنونت بعنوان الصلاة والحج.
والأعمال التي هي من قبيل الصوم والتي تتقوم بعدم تناول الأكل والشرب وسائر المفطرات فحقيقتها ( الكف ) وهو فعل من أفعال النفس ، شأنها شأن سائر أفعال الجوانح.
و ( النية ) التي يحاول أن يوجّه بها الشيخ الباقلاني مسألة الكسب ، مدعياً أنّ العمل الواحد يختلف حاله من نية إلى نية أخرى ، فالقتل بنيّة العدوان جريمة ، ونفس العمل بعنوان القصاص والحد تكليف شرعي ، يثيب الله تعالى به العبد ونفس الفعل من جانب الله ، ولكن النية التي يوجه بها الإنسان العمل الصادر عنه هي من جانب الإنسان ، والثواب والعقاب ليس على أصل القتل فلا علاقة له به ، ولكن على النية التي نواها في القتل فهذه هي وحدها التي يتحمل مسؤوليتها والتي يقوم بها.
نقول : إذا صحَّ هذا الكلام ، فإنّ النية أيضاً عمل من أعمال الجوانح ، ولا يختلف عمل عن عمل ، ولا أعلم لماذا تصح نسبة النية إلى الإنسان ولا تصح نسبة أصل العمل. فالعمل عمل ، سواء كان من أعمال الجوارح أو من أعمال الجوانح. وإذا صححنا نسبة النية إلى الإنسان نفسه ، فلا بأس