8%

هذه بعض الأحداث المروعة التي عاناها الإمامعليه‌السلام في المدائن وهي تلزمه بالصلح والتخلّي عن ذلك المجتمع المصاب بأخلاقه وعقيدته.

ضرورة الصلح:

أمّا صلح الإمام الحسنعليه‌السلام مع معاوية فقد كان ضرورياً حسب الأعراف السياسية، كما كان واجباً شرعياً مسؤول عن تنفيذه أمام الله والأمة، فانه لو فتح باب الحرب بجيشه المنهزم نفسياً لتغلب عليه معاوية بأول حملة، ولما أمكنه أن يحقق أي نصر، وفي تلك الحالة لا يخلو أمره من إحدى حالتين: إمّا القتل أو الأسر، فان قتل فلا تستفيد منه القضية الإسلامية لأن معاوية بما يملك من دبلوماسية مبطّنة بالخداع والمكر والنفاق، سوف يلقي التبعة على الإمام في قتله، ويبرّئ نفسه من أيّة مسؤولية، وأما إذا لم يقتل الامام، وحمل إلى معاوية أسيراً، فانه من دون شكّ سوف يعفو عنه، وبذلك يسجّل له يداً بيضاء على الأسرة النبوية، ويمحو عنه وعن أسرته وصمة الطليق التي وصمهم بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وعلى أيّ حال فان الإمام الحسنعليه‌السلام قد اضطّر إلى الصلح وأُرغم عليه، ولم تكن هناك أيّة مندوحة للعدول عنه، وقد جرى الصلح حسب شروط ذكرناها بالتفصيل مع تحليلها في كتابنا ( حياة الإمام الحسنعليه‌السلام ) وممّا لا شكّ فيه حسب المقاييس العلمية والسياسية ان الإمام أبا محمد قد انتصر في هذا الصلح، فقد أبرز حقيقة معاوية الجاهلية، وقد ظهرت خفايا نفسه، وما يكّنه من حقد وعداء للإسلام وللمسلمين، فانه حينما استتبّ له الأمر عمد بشكل سافر إلى محاربة الإسلام والانتقام من أعلامه أمثال الصحابي العظيم حجر بن عدي، وأخلد بجرائمه للمسلمين المصاعب