قطعة من خطابه جاء فيه بعد حمد الله والثناء عليه:
« أمّا بعد! فان هذا الطاغية ـ يعني معاوية ـ قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتهم، وشهدتم، وانّي أريد أن أسألكم عن شيء، فان صدقت فصدقوني وان كذبت فكذّبوني، اسمعوا مقالتي، واكتبوا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم، وقبائلكم، فمن أمنتم من الناس، ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا، فانّي أتخوّف أن يدرس هذا الأمر، ويغلب، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون ».
ويقول سُليم بن قيس: وما ترك الحسين شيئاً مما أنزله الله فيهم من القرآن إلاّ تلاه وفسّره، ولا شيئاً مما قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله في أبيه وأخيه، وفي نفسه وأهل بتيه إلاّ رواه، وفي كل ذلك يقول أصحابه: اللهم نعم قد سمعنا وشهدنا، ويقول التابعي: اللهمّ قد حدّثني به من أصدقه، وأئتمنه من الصحابة، فقالعليهالسلام : أنشدكم الله إلاّ حدّثتم به من تثقون به وبدينه »(١) .
وكان هذا أوّل مؤتمر سياسي عرفه المسلمون في ذلك الوقت، فقد شجب فيه الامام سياسة معاوية الهادفة إلى حجب المسلمين عن أهل البيتعليهمالسلام وستر فضائلهم، وقد دعا الإمام حضّار ذلك المؤتمر إلى إشاعة مآثرهم، وإذاعة مناقبهم، وما ورد في حقّهم من النبيّصلىاللهعليهوآله ليعرف المسلمون النوايا الشريرة التي يبّيتها معاوية ضدّ أهل البيت الذين هم العصب في جسم الأمة الإسلامية.
واستقبل معاوية الموت، ونفسه قلقة ومضطربة مما اقترفه من
__________________
(١) حياة الإمام الحسين ٢: ٢٢٨ ـ ٢٢٩.