8%

مثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون، أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة »(١) .

لقد أعلن الإمام رفضه لبيعة يزيد في بيت الامارة ورواق السلطة، وهو غير حافل بالحكم القائم، فقد وطّن نفسه على التضحية والفداء لينقذ المسلمين من حكم إرهابي عنيف يستهدف إذلالهم، وإرغامهم على ما يكرهون.

لقد كان أبو الأحرار عالماً بفسق يزيد وفجوره ومروقه من الدين، ولو أقرّ لحكومته لساق المسلمين إلى الذلّ والعبودية، وعصف بالعقيدة الإسلامية في متاهات سحيقة من مجاهل هذه الحياة، ولكنّه سلام الله عليه صمد في وجه الاعاصير هازئاً من الحياة، ساخراً من الموت، فبنى للمسلمين عزّاً شامخاً، ومجداً رفعياً، ورفع كلمة الإسلام عالية في الأرض.

إلى مكّة المكرّمة:

وصمّم أبو الأحرار على مغادرة يثرب، والتوجه إلى مكّة المكرّمة ليتّخذ منها مقرّاً لبثّ دعوته، ونشر أهداف ثورته، ويدعو المسلمين إلى الانتفاضة على الحكم الأموي الذي يمثّل الجاهلية بجميع أبعادها الشريرة، وقبل أن يتوجّه إلى مكّة خفّ إلى قبر جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو حزين قد أحاطت به الأزمات فشكى إليه ما ألمّ به من المحن والبلوى، ثم توجّه إلى قبر سيّدة النساء أمّه الزكيّة فألقى عليها نظرات الوداع الأخير، وزار بعد ذلك قبر أخيه الزكيّ أبي محمدعليه‌السلام ثم توجّه مع جميع أفراد عائلته إلى مكّة التي هي

__________________

(١) حياة الإمام الحسين ٢: ٢٥٥.