الحرب، وأيقن الطاغية بالهلاك إذ لم يكن يأوي إلى ركن شديد.
وأمعن الطاغية في أقرب الوسائل، وأكثرها ضماناً لإنقاذه فرأى أن لا طريق له سوى حرب الأعصاب، ونشر الدعايات الكاذبة، وكان عالماً بتأثيرها على نفوس الكوفيين، فأوعز إلى عملائه من أشراف الكوفة ووجوهها أن يندسّوا بين صفوف جيش مسلم، فيذيعون الإرهاب، وينشرون الخوف، وانطلق العملاء بين قطعات جيش مسلم، فأخذوا يبثّون الأراجيف والكذب، وتناولت دعاياتهم ما يلي:
أ ـ تهديد أصحاب مسلم بجيوش أهل الشام، وانّها سوف تنكل بهم إن بقوا مصرّين على متابعة مسلم.
ب ـ ان الحكومة سوف تقطع مرتباتهم وتحرمهم من جميع مواردهم الاقتصادية.
ج ـ إن الدولة ستزجّ بهم في مغازي أهل الشام.
د ـ إن الحكومة ستعلن فيهم الأحكام العرفية، وتسوسهم بسياسة زياد بن أبيه التي تحمل اشارات الموت والدمار.
وكانت هذه الاشاعات كالقنابل على رؤوسهم، فقد انهارت أعصابهم واضطربت قلوبهم، وجبنوا كأبشع ما يكون الجبن، وولّوا منهزمين على أعقابهم، وهم يقولون:
« ما لنا والدخول بين السلاطين ».
ولم يمض قليل من الوقت حتى فرّ معظمهم، وبقي ابن عقيل مع جماعة قليلة وقصد بهم نحو الجامع الأعظم ليؤدّي صلاة العشائين، ففرّوا