8%

ولمّا علم أبو الأحرار بمصرع عبد الله شقّ عليه ذلك، ويئس من الحياة، وعلم أنّه يسير نحو الموت، وأمر بجمع أصحابه، والذين اتبعوه طلباً للعافية لا للحق، ليعلمهم بما آل إليه أمره من تخاذل الناس عنه، وانصرافهم إلى بني أميّة قائلاً:

«أمّا بعد: فقد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منّا ذمام ».

وتفرّق ذوو الاَطماع الذين اتبعوه من أجل الغنيمة، والظفر ببعض مناصب الدولة وخلص إليه الصفوة الكريمة من أصحابه الممجدين الذي اتبعوه على بصيرة من أمرهم وليست عندهم أية أطماع.

لقد صارح الإمام أصحابه بالواقع في تلك المرحلة الحاسمة، فأعلمهم أنّه ماضٍ إلى الشهادة لا إلى الملك والسلطان، وان من يلتحق به سيفوز برضا الله، ولو كان الامام من عشّاق السلطة لما أدلى بذلك، وكتم الأمر لأنّه في أمسّ الحاجة إلى الناصر والمحامي عنه.

لقد كان الإمامعليه‌السلام ينصح أصحابه وأهل بيته بالتخلي عنه في كل موقف والسبب في ذلك أن يكونوا على بصيرة من أمرهم، ولا يدّعي أحد منهم أنّه كان على غير علم بالأمر.

الالتقاء بالحرّ:

وسار موكب الإمام يطوي البيداء حتى انتهى إلى « شراف » وفيها عين ماء فأمر الإمام فتيانه بالاستقاء والاكثار منها، ففعلوا ذلك، وسارت القافلة، فانبرى بعض أصحاب الإمام بالتكبير، فاستغرب الامام منه، وقال له:

« لمَ كبّرت؟ »