لقد تكرّم الإمامعليهالسلام على أُولئك الوحوش الانذال الذين جاءوا لحربه فأنقذهم من الظمأ القاتل، ولم تهزّهم هذه الأريحية وهذا النبل، فقابلوه بالعكس، فمنعوا الماء عنه، وعن أطفاله حتى تفتّت قلوبهم من الظمأ.
وخطب الإمامعليهالسلام خطاباً بليغاً في قطعات ذلك الجيش، فأوضح لهم أنّه لم يأتهم محارباً، وانّما جاءهم محرراً ومنقذاً لهم من جور الأمويين وظلمهم، وقد توافدت عليه وفودهم وكتبهم تحثّه بالقدوم لمصرهم ليقيم دولة القرآن والإسلام، وهذه فقرات من خطابه الشريف:
« أيّها الناس، انّها معذرة إلى الله عزّ وجلّ، وإليكم، إنّي لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت بها عليَّ رسلكم ان أقدم علينا فانّه ليس لنا إمام، ولعل الله أن يجمعنا بك على الهدى، فان كنتم على ذلك فقد جئتكم، فاعطوني ما أطمئنّ به من عهودكم ومواثيقكم، وان كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم ».
وأحجموا عن الجواب لأن أكثرهم ممن كاتبوه وبايعوه على يد سفيره العظيم مسلم بن عقيل.
وحضر وقت صلاة الظهر فأمر الإمام مؤذّنه الحجاج بن مسروق أن يؤذّن ويقيم للصلاة، وبعد فراغه منها التفت الامام إلى الحرّ فقال له:
« أتريد أن تصلّي بأصحابك؟ ».
فقال الحرّ بأدب: