وإنّا على نيّاتنا وبصائرنا، نوالي من والاك ونعادي من عاداك »(١) .
دلّ هذا الخطاب الرائع على وعي نافع، وإدراكه العميق للأحداث ودراسته لأبعادها فقد أعرب أن الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآله بما يملك من طاقات روحية لم يستطع أن يجمع الناس على محبّته، ويخضعهم إلى الإيمان برسالته، فقد كان هناك طائفة من المنافقين انتشروا في صفوف المسلمين، وهم يضمرون الكفر في دخائل نفوسهم ويظهرون الإسلام على ألسنتهم، وكانوا يبغون للنبيّصلىاللهعليهوآله الغوائل ويكيدون له في غلس الليل وفي وضح النهار، وكذلك حال وصيّه وباب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين من بعده فقد ابتلي بمثل ما ابتلي به النبيّصلىاللهعليهوآله فقد آمن به قوم وحاربه قوم آخرون، وحال الإمام الحسينعليهالسلام كحال جدّه وأبيه، فقد آمنت به قلّة مؤمنة من أصحابه، وزحفت لحربه الجموع الهائلة من الذين نزع الله الإيمان من قلوبهم.
وعلى أيّ حال فقد تكلّم أكثر أصحاب الإمام بمثل كلام نافع وهم يعلنون له الإخلاص والتفاني، وقد شكرهم الامام، وأثنى عليهم، ودعا لهم بالمغفرة والرضوان.
وتمّت أحلام ابن مرجانة، وتحققت آماله حينما استولت طليعة جيوشه على ريحانة رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، وأخذ يطيل النظر فيمن ينتدبه لحربه، ويرشّحه لقيادة قوّاته المسلّحة، وتصفح الأرجاس من أذنابه
__________________
(١) مقتل المقرم: ٢٣١.