وعملائه، فلم ير رجساً مثل عمر بن سعد يقدم على اقتراف هذه الجريمة فقد درس نفسيته، ووقف على ميوله واتجاهاته التي منها الخنوع والمروق من الدين، وعدم المبالاة بارتكاب الآثام والجرائم، والتهالك على المادة وغير ذلك من نزعاته الشريرة.
وعرض ابن مرجانة سليل الأدعياء على ابن سعد القيام بحرب سبط رسول اللهصلىاللهعليهوآله فامتنع عن إجابته فهدده بعزله عن ولاية الريّ فلم يطق صبراً عنها، فقد سال لها لعابه فأجابه إلى ذلك، وزحف إلى كربلاء، ومعه أربعة آلاف فارس، وهو يعلم أنّه خرج لقتال ذريّة رسول اللهصلىاللهعليهوآله الذين هم خيرة من في الأرض، وانتهى الجيش إلى كربلاء فانظم إلى الجيش الرابض هناك بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحي.
وأمر الطاغية بجمع الناس في رحاب المسجد الأعظم فهرعوا كالأغنام خوفاً من ابن مرجانة، وقد امتلأ الجامع منهم فقام خطيباً فقال:
« أيّها الناس: إنّكم قد بلوتم آل أبي سفيان فوجدتموهم كما تحبّون، وهذا أمير المؤمنين يزيد، قد عرفتموه حسن السيرة، محمود الطريقة، محسناً إلى الرعية، يعطي العطاء في حقّه، وقد أمنت السبل على عهده، وكذلك كان أبوه معاوية في عصره، وهذا ابنه يزيد يكرم العباد، ويغنيهم بالأموال، وقد زادكم في أرزاقكم مائة مائة، وأمرني أن أقّرؤها عليكم، واخرجكم إلى حرب عدوّه الحسين فاسمعوا له وأطيعوا »(١) .
لقد خاطبهم باللغة التي يفهمونها، ويتهالكون عليها، ويقدمون
__________________
(١) الطبري ٦: ٢٣٠.