أرواحهم بسخاء في سبيلها، وهي المادة التي هاموا بحبها، وقد أجابوه إلى ما أراد فزجّهم لاقتراف أفظع جريمة في تأريخ البشرية.
واسند القيادة في بعض قطعات جيشه إلى كل من الحصين بن نمير، وحجار بن أبجر، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وغيرهم، وقد زحفوا بمن معهم إلى كربلاء لمساعدة ابن سعد.
وقامت العصابة المجرمة التي تحمل شرور أهل الأرض وخبثهم باحتلال الفرات، ولم تبق شريعة أو منفذ إلاّ وقد وضع عليها الحرس، وقد صدرت إليهم الأوامر المشدّدة من قبل القيادة العامة بالحذر واليقظة كي لا تصل قطرة من الماء إلى عترة رسول اللهصلىاللهعليهوآله الذين هم من خيرة ما خلق الله.
ويقول المؤرّخون: حيل بين الحسين والماء قبل قتله بثلاثة أيّام(١) وكان ذلك من أعظم ما عاناه الإمام من المحن والخطوب، فكان يسمع صراخ أطفاله، وهم ينادون: العطش، العطش، وذاب قلب الإمام حناناً ورحمة لذلك المشهد الرهيب، فقد ذبلت شفاه أطفاله، وذوي عودهم، وجفّ لبن المراضع، وصوّر أنور الجندي هذا المنظر المفجع بقوله:
وذئاب الشرور تنعم بالماء | وأهـل النبيّ من غير ماء | |
يالظلم الأقدار يظمأ قلب الليث | والليث موثق الأعضاء | |
وصغار الحسين يبكون في الصحراء | يا ربّ أين غوث القضاء |
_________________
(١) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان: ٨٩.