ولم يعن به الأبطال من أصحاب الإمام، وسخروا من كلامه، فاقتحموا الفرات ليملأوا قربهم منه، فثار في وجوههم عمرو بن الحجاج ومعه مفرزة من جنوده، والتحم معهم بطل كربلاء أبو الفضل، ونافع بن هلال، ودارت بينهم معركة إلاّ انّه لم يقتل فيها أحد من الجانبين، وعاد أصحاب الامام بقيادة أبي الفضل، وقد ملأوا قربهم من الماء.
لقد أروى أبو الفضل عطاشى أهل البيت، وانقذهم من الظمأ، وقد منح منذ ذلك اليوم لقب ( السقاء ) وهو من أشهر ألقابه، وأكثرها ذيوعاً بين الناس كما أنّه من أحبّ الألقاب وأعزّها عنده(١) .
وبادر الخبيث الدنس شمر بن ذي الجوشن إلى سيّده ابن مرجانة فأخذ منه أماناً لأبي الفضل وأخوته الممجّدين، وقد ظنّ أنّه سيخدعهم، ويفردهم عن أخيهم أبي الأحرار، وبذلك يضعف جيش الإمام، لأنّه يخسر هؤلاء الأبطال الذين هم من أشجع فرسان العرب، وجاء الخبيث يشتدّ كالكلب، وقد وقف أمام جيش الحسين، وهتف منادياً:
« أين بنو أختنا العباس واخوته؟ ».
وهبّت الفتية كالأسود، فقالوا له:
« ما تريد يابن ذي الجوشن؟ ».
فانبرى مستبشراً يبدي لهم الحنان المزيّف قائلاً:
« لكم الأمان ».
__________________
(١) أنساب الأشراف ٣: ١٨١.