« يا أصحاب الحسين بن علي قد أجّلناكم يومكم هذا إلى غد فان استسلمتم ونزلتم على حكم الأمير وجهنا بكم إليه وان أبيتم ناجزناكم »(١) .
وأُرجئ القتال إلى صبيحة اليوم العاشر من المحرّم، وظلّ جيش ابن سعد ينتظرون الغد هل يجيبهم الإمام أو يرفض ما دعوه إليه.
وجمع ريحانة رسول اللهصلىاللهعليهوآله أهل بيته وأصحابه في ليلة العاشر من المحرم، وعرض عليهم ما يلاقيه من الشهادة، وطلب منهم أن ينطلقوا في رحاب الأرض ويتركوه وحده ليقلى مصيره المحتوم، وقد أراد بذلك أن يكونوا على بيّنة من أمرهم فقال لهم:
« أثني على الله أحسن الثناء، وأحمده على السرّاء والضرّاء اللهمّ إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلّمتنا القرآن، وفهّمتنا في الدين وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركين.
أمّا بعد: فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت خيراً من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً، ألا وانّي لاَظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، واني قد أذنت لكم جميعاً فانطلقوا في حلّ ليس عليكم منّي ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً خيراً، ثم تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فان
__________________
(١) حياة الإمام الحسين ٣: ١٦٥.