ساعديه، فجعل الإمام يقبّلهما، وهو غارق في البكاء، فبهرت أمّ البنين، وراحت تقول للإمام:
« ما يبكيك؟ »
فأجابها الإمام بصوت خافت حزين النبرات:
« نظرت إلى هذين الكفّين، وتذكّرت ما يجري عليهما »
وسارعت أمّ البنين بلهفة قائلة:
« ماذا يجري عليهما » ..
فأجابها الإمام بنبرات مليئة بالأسى والحزن قائلاً:
« إنّهما يقطعان من الزند »
وكانت هذه الكلمات كصاعقة على أمّ البنين، فقد ذاب قلبها، وسارعت وهي مذهولة قائلة:
« لماذا يقطعان » ..
وأخبرها الإمامعليهالسلام بأنّهما انّما يقطعان في نصرة الإسلام والذبّ عن أخيه حامي شريعة الله ريحانة رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، فأجهشت أمّ البنين في البكاء، وشاركنها من كان معها من النساء لوعتها وحزنها(١) .
وخلدت أمّ البنين إلى الصبر، وحمدت الله تعالى في أن يكون ولدها فداءً لسبط رسول اللهصلىاللهعليهوآله وريحانته.
نشأ أبو الفضل العبّاسعليهالسلام نشأة صالحة كريمة، قلّما يظفر بها إنسان
__________________
(١) قمر بني هاشم ١: ١٩.