أبوا وأصرّوا على غيّهم وعدوانهم، فاضطّر الإمام بعد ذلك إلى أن يسمح لقوّاته المسلّحة بفتح نار الحرب عليهم، فحملوا عليهم حملة واحدة، ففرّوا منهزمين شرّ هزيمة، وتركوا مواقعهم فاحتلتها جيوش الإمام، وأصبح نهر الفرات بأيديهم، انطلق فريق من قادة الجيش نحو الإمام فطلبوا منه أن يسمح لهم في منع الماء عن أصحاب معاوية كما منعوهم عنه، فأبى الإمام أن يقابلهم بالمثل، فأباح لهم الماء كما هو مباح للجميع في شريعة الله، ولم يشكر الامويون الأوغاد هذه اليد البيضاء التي أسداها عليهم الإمام، فقد قابلوه بالعكس، فمنعوا الماء عن أبنائه في كربلاء حتى صرعهم الظمأ، وأذاب العطش قلوبهم.
وكره الإمام أشدّ الكره الحرب وإراقة الدماء، فدعا إلى السلم، والوئام فقد أرسل عدّة وفود إلى ابن هند يدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المسلمون وأن يجنّبهم من الحرب فأبى ولم يستجب لهذه الدعوة الكريمة، وأصرّ على الغيّ والعدوان، وتذرّع كذباً بالمطالبة بدم عثمان الذي ما أراق دمه إلاّ سوء تصرّفاته السياسية والإدراية.
الحرب:
ولمّا فشلت جميع الجهود التي بذلها الإمام من أجل السلم وحقن الدماء اضطّر إلى أن يفتح مع عدّوه باب الحرب، وقد خاض معه حرباً مدمّرة سقط فيها عشرات الآلاف من القتلى فضلاً عن المعوقين من كلا الجانبين واستمرّت الحرب أكثر من سنتين كانت تشتدّ حيناً، وتفتر حيناً آخر، وفي المرحلة الأخيرة من الحرب كاد الإمام أن يكسب المعركة،